السبت ,20 أبريل, 2024 م
الرئيسية موقف البلقاء اليوم بين يدي " جلالة الملك " مع بالغ الإحترام بقلم : شحاده أبو بقر

بين يدي " جلالة الملك " مع بالغ الإحترام بقلم : شحاده أبو بقر

1415

البلقاء اليوم - بين يدي " جلالة الملك " مع بالغ الإحترام

بقلم : شحاده أبو بقر
البلقاء اليوم ---السلط

بسم الله الرحمن الرحيم , وبعد , أعلن جلالة الملك أنه سيتوجه إلى الولايات المتحدة لحضور إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ولقاء رؤساء دول ومسؤولين كبار على هامش تلك الإجتماعات , والتي تنعقد في ظل ظروف دولية وأقليمية وحتى أردنية بالغة الدقة والخطورة والتعقيد .

وكمواطن يزعم الإطلالة والحرص على مصالح البلاد والعباد , أرى أن إجتماعات الجمعية العامة تلك , تمثل فرصة تاريخية لعرض رؤية الأردنيين بقوة وصراحة أمام هذا المنتدى العالمي عالي المستوى وصاحب سلطة الرأي والقرار معا .
فلقد كان الأردن ومنذ نشأته وما زال وسيبقى, دولة سلام ووسطية وإعتدال في الشرق الأوسط كله , وتحمل وفقا لهذا النهج وهذه الإستراتيجية السلمية , ألقسط الأكبر من تبعات ومخرجات الصراعات والحروب التي شهدتها المنطقة , ومنذ سبعين عاما وحتى اليوم , وهو اليوم أكبر دول العالم إستضافة للأجئين والمهجرين والنازحين والفارين بأرواحهم وأعراضهم من جحيم حروب لاترحم .

إن السلام الذي يؤمن به الأردنيون وعملوا ويعملون جاهدين من أجله سواء على صعيد قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي أو سواه , وفي أي مكان على هذا الكوكب , هو السلام الذي يصفي نفوس الشعوب من كل إحساس بالظلم والقهر, ويزيل وإلى الأبد من نفوسها أية مشاعر للإنتقام من الخصوم سالبي حقوقها المشروعة .

إن السلام الحقيقي العادل وبرضى وقبول أطراف النزاع جميعها , هو السلام الذي يزيل أية عوائق لإقامة تعاون إيجابي بين المتخاصمين ولمصلحة الطرفين معا , بمعنى أن يحل الوئام بديلا للخصام , والتعاون والتلاقي بديلا للصدام والتنافر, والحب والمودة والإحترام المتبادل , بديلا للحقد والكراهية التي تنتج عنفا أكثر, ومزيدا من العداء في نفوس الأجيال جيلا إثر جيل , أما سلام القوة المفروض بالقوة , فلا ينطوي على قيمة سلام حقيقية أبدا , وإنما هو بيئة خصبة لتأجيج الصراع بدلا من إطفائه ! .

يبارك الشعب الأردني ويؤيد وبكل قوة , أية مبادرات إيجابية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقا لهذا الفهم المعمق , وبما ينهي وإلى الأبد أية مبررات لإدامة الصراع ,عندما يجري تنفيذه من قبل الطرفين المتخاصمين ,لا من قبل طرف واحد وبالقوة , دون أدنى إعتبار لرأي الطرف الآخر ! .

ويرى الأردنيون أن سلاما يتجاهل وبالكلية حقوق الطرف الآخر التاريخية , لا يمكن له أن يصمد طويلا , لا بل فهو يعمق الشروخ بدلا من رتقها ,ويكرس المزيد من الكراهية والأحقاد جراء الشعور العارم بالظلم وضياع الحقوق , وفي ذلك المزيد من العنف والمعاناة ولطرفي المعادلة وللمنطقة كلها , وهنا تصبح الصفقة لصالح طرف واحد ,وعلى حساب مصالح الطرف الآخر , الأمر الذي ينفي عنها صفة صفقة عادلة وتاريخية .

لقد وقع الأردن إتفاق سلام مع دولة إسرائيل عام 1994 , وهو سلام إلتزم الأردن بجميع بنوده إلتزاما كاملا , وشرع مواطنون إسرائيليون بزيارة الأردن بقصد السياحة والتجارة وغيرها , وبادلهم كثير من الأردنيين الزيارات للغايات ذاتها , وإستبشرنا جميعا بعلاقات طيبة تبادلنا فيها السفراء , والبحث الجاد في مشروعات مشتركة , إلا أن بعض الممارسات الشاذة من جانب الطرف الآخر وعلى أرضنا الأردنية , أوجدت حالة من الضجر والشك في هذا السلام بين أوساط شعبنا .

وبرغم ذلك واصلت دولتنا إلتزامها القانوني والأدبي بإتفاقية السلام ,وإنتظرنا طويلا بأمل أن يأخذ السلام على الصعيد الفلسطيني الإسرائيلي مداه الذي نريد ونتمنى , وفقا لإتفاق أوسلو , ولمصلحة الطرفين ومصلحة السلام في المنطقة كلها , إلا أن ما حدث حتى الآن , هو العكس تماما , وباتت السلطة الفلسطينية في رام الله لا تملك من أمرها شيئا , برغم توقها وعملها الدؤوب لتنفيذ بنود إتفاق أوسلو تباعا , وهو ما لم يحدث , بل حدث نقيضه مزيدا من الإستيطان في الأرض المحتلة , ومزيدا من التهجير وتضييق سبل العيش , وتجاهلا للإتفاق المذكور .

لقد إستبشرنا خيرا بالإعلان عن صفقة قرن لحل تاريخي للقضية الفلسطينية , وكنا نأمل أن يكون ذلك وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة , ومبادرة السلام العربية التي أقرها القادة العرب في قمة بيروت , وهي مبادرة تعهد العرب فيها بسلام حقيقي جاد وشامل مع إسرائيل , بما في ذلك تطبيع العلاقات وتبادل السفراء والتعاون الإيجابي ولمصلحة الجميع , مقابل إنسحابها من الأرض الفلسطينية التي إحتلتها عام 1967 , والتي يدعوها قرار مجلس الأمن الدولي في حينه إلى الإنسحاب منها , لتقوم عليها دولة فلسطينية , عاصمتها القدس الشرقية , والتي أحتلت في تلك الحرب , إلا أن إسرائيل لم تستجب ولم تلتفت لتلك المبادرة التي تنهي وإلى الأبد كل مبررات الصراع , وتؤسس لسلام عربي إسرائيلي جاد وشامل ولمصلحة إسرائيل ومنطقتنا , لا بل ولمصلحة العالم كله .

إن الأردن جار فلسطين وإسرائيل معا , والذي يشكل اللاجئون نسبة لا يستهان بها من سكانه , والمرتبط بمعاهدة سلام مع إسرائيل , يتساءل شعبه اليوم , هل ضم القدس كلها, وإطفاء قضية اللاجئين وحقوقهم المشروعة ,وقطع المساعدات عن الوكالة الدولية لإغاثتهم , والمضي قدما في بناء المزيد من المستوطنات على أرضهم المحتلة وغير ذلك من إجراءات , هل يمكن أن يساعد ذلك في تحقيق سلام حقيقي ينهي مبررات وأسباب الصراع والعنف والصدام , أم هو تصفية كاملة للقضية الفلسطينية , وبما يؤجج الصراع والصدام والكراهية , والحقد الناجم عن الإحساس غير المسبوق بشدة الظلم والقهر وهضم الحقوق كلها ودفعة واحدة ! .

الولايات المتحدة دولة عظمى يقع على عاتقها كما هي روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا , وسائر الدول الأوروبية شرقا وغربا وجميع محبي السلام الحقيقي والعادل على هذا الكوكب , العمل على تحقيق العدل الذي يحفظ حقوق الشعوب ويصون كرامتها وحقها في حياة حرة طيبة لا ظلم فيها , ومن هنا , فنحن في الأردن الذي يعاني جراء ذنوب غيره لا ذنوبه هو , والذي يعاني اليوم معضلة إقتصادية طاحنة جراء تلك الذنوب , يأمل من تلك الدول جميعا وبقوة , ودرءا للظلم وتجنبا للحروب الطاحنة في بلادنا العربية وما ستفرز من كوارث وطوفان هجرات لن ينجو من معاناة إستقبالها أحد , أن تتحد مواقفهم وجهودهم المخلصة , لتحقيق سلام عربي إسرائيلي عادل يعيد الحقوق إلى أهلها في فلسطين وسورية ولبنان , ويحقق سلاما في اليمن بإنهاء التمرد على الشرعية وفق لقرار مجلس الأمن الدولي ذي الصلة , ويعين العراق على تحقيق الأمن والإستقرار في كل ربوعه , ويحقق سلاما يحفظ وحدة سورية ويكفل الحرية والكرامة لشعبها المكلوم , ويطالب سائر الغرباء بالخروج من مناطق النزاع في عالمنا العربي , ويؤكد على تضامننا جميعا في محاربة الإرهاب سواء أكان إرهاب جماعات وحركات أو إرهاب دول .

وإذا ما تحقق ذلك عبر حوار هادف بنيات مخلصة لا تشويه فيها للأديان والأعراق , فإنه كفيل ولمصلحة شعوب الأرض كافة , ببلوغ سلام عالمي مؤسسي قوي دائم تتحقق معه كرامة الإنسان وحقه في حياة حرة كريمة أنى كان زمانه ومكانه على هذا الكوكب , عندما توجه مقدرات الشعوب وخيرات العالم إلى خدمة الإنسان والإنسانية , لا إلى شقائه ومعاناته جراء الظلم والفقر والمرض والجوع والجهل والقهر والمطامع والمطامح غير المشروعة .

ونختم بآية كريمة من القرآن الكريم موجهة للبشرية كافة يقول فيها الحق سبحانه " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى لتعارفوا , إن أكرمكم عند الله أتقاكم " صدق الله العظيم . ومؤكد أن تقوى الله ومخافة سخطه سبحانه , ترفض الظلم والعدوان والقهر وهضم حق الآخر , وتدعو إلى الحق والأمن والتعاون بين بني البشر والسلام في سائر حياتهم , فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . والله من وراء القصد .

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا