السبت ,27 أبريل, 2024 م
الرئيسية أهم الأخبار من مواليد السلط .. رحيل التربوي البارز والقيادي الاسلامي فاروق بدران

من مواليد السلط .. رحيل التربوي البارز والقيادي الاسلامي فاروق بدران

1404

البلقاء اليوم - البلقاء اليوم ---السلط
- انتقل الى رحمة الله تعالى الاستاذ فاروق عبدالحليم بدران ابو عمر.

ولد وشبّ المرحوم فاروق بدران في السلط العام 1932، في أسرة تربوية هاجرت من نابلس للسلط، حيث هاجر جده عايش بدران إلى القاهرة سنة 1901 ليدرّس أبناءه الثلاثة محمد وإبراهيم وعبد الحليم، وكان الجد يعمل ساعاتيّاً يقول فاروق بدران:توفي جدي بالقاهرة 1904 وبقي عمّاي بالقاهرة يدرسان في الأزهر، أما محمد فتخرج من الأزهر وأكمل دراسته في القضاء في اسطنبول، ثم عينته الدولة العثمانية قاضياً في حمص واليمن وتبوك، وانتهى به المقام في السلط بعد سقوط الدولة العثمانية (...) أما إبراهيم فقد استدعي للجيش التركي وقد قتل في الحرب العالمية الأولى في مكان نجهله جميعا».
من ذرية العم القاضي محمد عايش، تولى مضر وعدنان بدران رئاسة الحكومة الأردنية، فيما عمل عبد الحليم والد فارق بالقطاع الخاص وأسس أول صيدلية في السلط باسم صيدلة الشرق العربي سنة 1928، وقبل الصيدلية، عمل مدرساً في الكرك واربد والقدس، ومن تلاميذه في الكرك حسب مذكرات الابن فاروق بدران» حنا الظواهرة ونبيه إرشيدات وفي اربد فوزي الملقي وفضل الدلقموني وجميل سماوي.
ذاكرة فاروق بدران تفتح الباب على زمن السلط في وقت الشهادة الأردنية، على أرض فلسطين، وهي ذاكرة ممتدة إلى عقود، يبدأ الوعي حين أفاق ذات يوم على صوت التكبير يملأ مآذن السلط» فرأيت رتلاً من السيارات قادما من فلسطين في طريقه لمنزل الحاج نعمان العطيات فسألت الوالد فقال: إنه جثمان الشهيد أحمد العطيات ابن صديقي نعمان لقد أحضروه الآن».
كان احمد العطيات أحد عناوين المجد الأردني والدم الذي سكب على ثرى فلسطين في زمن ثورتها ونكبتها، ثم إذ بفارق يروي قصة جنازة الملك غازي ملك العراق التي طاف شباب السلط بنعش رمزي فكان الطلبة يرددون آنذاك» الدين والدنيا تنعاك ياغازي».
يقترب فاروق بدران من حياة الناس في محطاته الثرية، فيذكر السيل الكبير الذي داهم السلط، في واد الأكراد يومها «غمرت عيون الماء التي يستقي منها أهل المدينة واتجهت السيول لمدرسة اللاتين فهدمت الجدار وأغرقت المدرسة، وكادت أن تغرق الطلبة لولا أن فتحوا لها فتحة في نهاية الملعب...».
فصول الذاكرة عند بدران تمتد لمعاصرته لأحداث الحرب العالمية الثانية، فيها شاهد ورأى الغارات الألمانية على السلط» كان الظلام يلف السلط أيام الحرب، لقد كانت التعليمات أن لا يصدر أي ضوء من منازل السلط، وأن يطلى الزجاج باللون الأزرق فاستهلك الناس (النيلة) الزرقاء..»، وما كادت الحرب تضع أوزارها حتى فجع الناس بالنكبة وكان صاحب السيرة آنذاك في الصف الثامن فيقول:» ورأيت تدفق اللاجئين حينئذٍ للسلط حيث لم يبق بيت قابل للسكن أو مهجور إلا كنه القوم»
أما صحافة ذلك الزمان فكانت يومية «الدفاع» التي كانت تصدر من يافا، ومجلة المصور المصرية، وأهم المذيعين في ذاكرته وذاكرة جيله كان الأديب والصحفي العراقي يونس البحري(1900-1979) من إذاعة برلين العربية، يبدأ نشرته بجملة «حي العرب»، وفي هذا الزمان تشكلت ثقافة فاروق بدران التي عشقت الحديث باللغة الفصحى التي كانت لغة البيت، والتي فتحت المجال للسخرية منه من قبل أصدقائه كما يقول.
كان للفصحى سبب، فوالده ضمن خمسين شاباً، رأوا أن إصلاح الدولة العثمانية يتم من الداخل وليس بتقليد الغرب، وهي رؤية كان لها رجالها في اسطنبول، وكان قرار الشباب الذين دافعوا عن الإصلاح الداخلي بأن يبدأوا بالحديث باللغة الفصحى، وهذا المجال يؤكد تأثر شبيبة شرق الأردن وفلسطين بدعوات الدعاة الأتراك للإصلاح من الداخل.
السلط تسيطر على ذاكرة فاروق بدران، فيسرد كيفية تزويد البيوت بالماء من خلال السقاء الذي يجلب الماء، بالصفائح على الحمار و»كان السقاء محمد أبو دلال، الذي يزود البيت بأربع صفائح تكفي البيت لليوم الواحد، وكان الاشتراك شهريا، والسقاء ينقل معه للبيوت أخبار الموتى والمواليد، وفرن المدينة الأشهر آنذاك يعود لعبد الفتاح الخشمان».
ولبناء مسجد السلط الصغير قصة يرويها، وكذلك نقل القرميد الأحمر من محطة عمان على الخيول للسلط، وكان بناء المسجد على يد الشيخ مطيع قاضي السلط الشرعي، وإلى جانبه كان هناك القاضي الشرعي محمد صالح السنوسي الليبي الأصل، وللأخير قصص ومواقف في السلط.
في عام 1936 شبّت الثورة الفلسطينية، فاستضاف والده احد الجرحى من أصول شامية، وكان للشامي من الوفاء أن بادل عبدالحليم بدران أبو فاروق الكرم والرعاية، بأن صنع للبيت أطباقاً عدة من الحلويات، وكان أول مرة يرى فيها فاروق تلك الكميات من الأطباق المنوعة من الكنافة والشعيبيات والبقلاوة والمعمول.
بفتح فاروق بدران سجل السلط اليومي فيذكر حرف المدينة الرائجة آنذاك في سوقها، فهي حاضرة البلقاء، ومن مهنها وحرفها يذكر مصنع الخيام البدوية ومصنع النسيج الذي سماه أهل السلط بالسبتية، نسبة للطائفة السبتية، وكان يصنع الكوفيات والشراشف البيضاء، وهناك مصنعان للخمور، ومصنع للفخار ومصنع للبسط وعدد من معاصر الزيتون والسمسم لإنتاج الطحينة، وثمة سوق للأحذية وصناع السروج والبرادع، هذا الى جانب عدد من الخانات ومطاحن القمح وأشهرها مطحنة علي الجزازي ومطحنة الأرمني ومطحنة الخليلي ومطحنة ميخائيل العقلة. وهنا مطاحن أخرى ومهن متعددة منها قلع الحجارة وطحن أوراق الشجر للدباغة، وتصليح البنادق وإنتاج غلايين النساء، ورعي الغنم وجلب الرمل للبناء وغيرها.
والسلط وفقاً، للوصف الذي يسرده بدران حاضرة ومدينة مكتملة الأركان، وسوقها يعج بالبدو الذين يأتون إليها من جوارها والفلاحين، وكانت المبادلة نمط بيع وشراء.
في عام 1951 أنهى بدران الدراسة الثانوية من مدرسة السلط، ومن معلميه فيها سالم الجندي وصياح الروسان وعمر الشلبي ومحمد بشير الصباغ. ولاحقاً سيعود مديراً لهذه المدرسة التي كانت أعظم انتصاراته فيها وهو طالب «دخول غرفة المعلمين» وكان فيها صوبة حطب، وطاولات المعلمين المثقلة بأكوام الدفاتر ، ويومها كانت الكوفية غطاء الرأس جزءا من الزي الرسمي.
على يد الشيخ عبد الحليم زيد الكيلاني تعلم بدران القرآن، وكان معه من زملاء الدراسة عبد الحليم عربيات ومحمد القطب ومحمد رسول الكيلاني

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا