الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
الرئيسية موقف البلقاء اليوم مفاعيل "سيف القدس" عميقة وشائكة .. د. علي أحمد الرحامنة

مفاعيل "سيف القدس" عميقة وشائكة .. د. علي أحمد الرحامنة

779

البلقاء اليوم - مفاعيل "سيف القدس" عميقة وشائكة
د. علي أحمد الرحامنة

البلقاء اليوم --السلط

هي معركة، وهي مواجهة كبرى، وربما حرب... والمنتصر فيها هو الطرف الذي
طرح هدفًا محدّدًا وأنجزه: لا فصل بين ق طاع غزة و بين ما يجري في القدس والأقصى والشيخ
ج ا رح وبقية المناطق الفلسطينية، وهذا ما حصل فعلا. أما أحد أبرز المهزومين، فهو الطرف
"الأقوى" عسكريا واقتصاديا وتقنيا: أ ا رد توجيه ضربة مزلزلة لفصائل المقاومة الفلسطينية في
غزة، فإذا به يضطر لوقف إطلاق النار، دون تنازلات من فصائل المقاومة. ولكن هذا
الوصف فيه كثير من التبسيط والسطحية، رغم مصداقيته العامة. فالقصة تبدأ من حلقة
مركزية عنوانها الفجور العنصري الفاشي الإس ا رئيلي في كل فلسطين التاريخية، بدءًا بمناطق
48 حيث يعيش الفلسطينيون في "دولة يهودية الدولة" في مواجهة قطعان أشبه بالمليشيات
المسلحة التي تعمل دون توقف على ترويع الفلسطينيين، بح ا رسة أجهزة الأمن الإس ا رئيلية
ومباركتها، مرو اً ر بقطاع غزة المحاصر الذي هو بالفعل "سجن كبير" من فيه يعانون منذ
نحو 15 عاما شتى أصناف م ا ررة العيش، ومرو اً ر أيضًا بالضفة الغربية المحتلة )والقدس
جزء أصيل جوهريّ منها(، والتي أتى عليها الاستيطان والتهويد وشتى أشكال القمع
الإس ا ر ئيلي، استم ا ر اً ر لطغيان العنصرية والفاشية الإس ا رئيلية، وهو طغيان يقرّ به كثير من
الم ا رقبين والمفكرين الصهاينة.
أما القدس تحديدًا، عاصمة فلسطين، بخصوصيتها الفلسطين ية-الأردن ية والعرب ية
والإسلام ية والمسيحية، فهي القلب النازف الذ ي احتشدت في آلامه ومعاناته معاناة كل
الجسد والوجدان والعقل ... ولسان حال القضية الفلسطينية، مع هذه الصورة القاتمة، كان
يقول: لا جديد! لا حلّ دولتين، ولا حلّ دولة واحدة، وعمليات الاستيطان اولتهويد والبطش
2
والقتل الإس ا رئيلي مستم رة ، وانتظروا الضمير العالمي، والدبلوماسية، وما إلى ذلك ممّا صار
يثير السخرية والغضب، مثل الذي يثيره مجرد ذكر جثة "عملية السلام" الموهوم. وبجملة
واحدة: حكايا الضمير والدبلوماسية وما إليهما تستيقظ فقط بالوخز، لا بالمناشدات ولا
بالصحوة المفاجئة! وطالبان والحوثيون شواهد حيّة على ذلك...
ومع ذلك كله، وعلى وضوحه وبساطته، فإن "سيف القدس" قالت أكثر من مجرّد
كفى استهتا اً ر بنا! وعلى وقع صواريخها، ودفاعًا عن القدس والأقصى وسائر المقدّسات
الإسلامية والمسيحية في مدينة السماء، نهضت وحدة فلسطينية شاملة وربما غير مسبوقة،
والتحم النضال الفلسطيني بالص وت الأردني الجامع أولاً )وهذا طبيعي(، والعربي والإسلامي
وصوت أح ا رر العالم أ يضا، فأحدث إلى جانب الوحدة الفلسطينية مستجدات يصعب حصرها،
لعلّ أبرزها بداية نهوض ما يُسمى "التيار التقدمي" في الحزب الديمق ا رطي الأميركي، وصولا
إلى المناداة بتشريعات تشترط الدعم العسكري الأميركي للإس ا رئيليين، وتطالب باحت ا رم حق
الفلسطينيين )أيضًا( بالدفاع عن النفس... وللإس ا رئيليين أن يتوقفوا مليًّا أمام هذا التحوّل،
حتى لو كان جَنينيًّا، وأمام موجة عالمية، غربية خصوصا، في التضامن مع أهل القضية
الفلسطينية ومشروعية النضال الوطني الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال. وشهدت
ساحات التواصل الاجتماعي تحولات كبرى تصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية.
وعربيًّا، وإلى جانب "الإح ا رج" الذي تجد نفسها فيه الدول الأربع التي طبّعت مؤخ اً ر
في موجة ت ا رمب وصفقة القرن، وجد آخرون إح ا رجًا آخر، لعلّ وساطتهم بعلاقتهم مع حركة
حماس تبيّن كيف تمّ التعامل معه، وما إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار حمل شيئًا من
ذلك، فيما أ رت الشعوب العربية، وبعض الحكام، وهم قلّة، في الحدث الكبير، ما أرضاهم،
كلٌّ من موقعه. وبالفعل، عادت القضية الفلسطينية إلى سلّم الأولويات محليا وعالميا، بعدما
كادت تختفي في غياهب عدم الاهتمام. ولو كان هذا وحده إنجاز "سيف القدس" لمثّل في
حدّ ذاته نص اً ر سياسيًّا هامًّا.
3
وفلسطينيًّا، يبدو أن ربط ما يجري في القدس وفلسطين عموما بردّ المقاومة في غزة
يفتح أبوابًا جديدة من الص ا رع واحتمالاته، ما لم يكن اتفاق "وقف إطلاق النار" أغلق هذا
الباب، إلى أمد نجهله حتى الآن. ويبدو أن حماس حجزت لنفسها مكانا في صياغة مستقبل
مجريات العمليات السياسة القادمة، فيما تدرس فتح والسلطة في ا رم اله حالة "صعبة" فرضتها
"سيف القدس"، ويواصل فلسطينيو 48 نضالهم المعمّد بالدم أيضا ضد التمييز العنصري
الفاشي الإس ا رئيلي المتعاظم. ولعلّ في إقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية ما يعفي من
كثير من الص ا رع "الأخوي" القادم احتمالا ، ولكنه لا يعفي من فتح ملف الانتخابات التي ربما
كانت واحدة من الخاسرين في هذه المعركة، أمام تغير الموازين، وكلّ هذا غ يض من فيض
مفاعيل "سيف القدس" التي تعمل وتعتمل!!

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا