الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
الرئيسية مقالات (علي الغريب)…الرحيل المبكر .. بقلم الاستاذ مطلب العبادي

(علي الغريب)…الرحيل المبكر .. بقلم الاستاذ مطلب العبادي

1817

    تنزيل (1)   (علي الغريب)…الرحيل المبكر.... بقلم الاستاذ مطلب العبادي البلقاء اليوم -السلط أبا عدي… تُعرف بهذا الاسم فقط ، وكل عائلتك المميزة في طباعها ، طباع من أب زاهد ناسك اسمه (يوسف الغريب) ، سبق جيله بل سبق دعوات العالم الحديث في المحافظة على بيئة النبات والحيوان ، فلا يقتل أفعى أو عقرب او أي زاحفة ، ونظريته في ذلك نحن الضيوف عندهم . اختلفنا يا ابن خالتي في أول لقاء قبل أكثر من خمسين عاما ،عند زيارة خالتي لبيتنا وحاصل جمع عمرينا لا يتجاوز العشر سنوات ، أنت الراغب في البقاء في بيتنا في القرية مع خالتك ، وأنا الراغب في مرافقة خالتي إلى خارج القرية حيث مضاربها ، واشتد الصراخ وفزنا الاثنين وافترقنا في أول ليلة. أبا عدي… بعد سنوات غادرت خالتي الدنيا وهي في ريعان شبابها فكنتُ الخاسر الأول ، فلم أعد أسأل عن أي شئ ، لا بيت أرغب الذهاب إليه ولا طعام اشتهيه ، خلا ذكريات طعام خالتي ولمسات حنان يديها فوق راسي . كبرنا قليلا وخسرت خالتك أنت أيضا وهي في ريعان شبابها نسبيا عن خالتي فكنت الخاسر الأصغر ، ودفنا عزيزتينا تحت التراب ، ويذكرنا بهما هذا (القاتل الصامت) الذي كنت تسميه ولا تخشاه . أبا عدي …جرئ انت ومقدام ، عرفتك مع أترابنا قائدا ، شخصية ذات حضور ، صاحب رأي ثاقب منذ صغرك ، تنظم فرق اللعب ، تجري التعديل والإضافة والتغيير ، بإرادة من حديد ، مشاعرك لا علاقة لها بما يحدث ، جياشة ، تميل للإيجابية ، وتنبذ السلبية وتكره الظلم ، وإذا ما رغبتُ بتغيير تجاه مشاعرك ، ببساطة قصة قصيرة وفقرة من الزير سالم ( ابو ليلى المهلهل) ، أو (التغريبة الهلالية) ، أسردها على مسامعك ، تُذرف دموعك بغزارة وحرقة ، خروجنا سويا نتمتع بفوارغ قذائف المدفعية المنطلقة وشظايا وبقايا المتساقطة علينا من العدو الصهيوني في معارك الاستنزاف على ثرى قريتنا ، على أنها العاب نارية كان غاية اللامبالاة الطفولية ، وحب مبكر للوطن والأهل والفضول في معرفة بوادر النصر والسبق في بُشراه . أبا عدي …غادرنا الوطن سويا ،أنا للعمل في المشرق وأنت للدراسة في المغرب ، لم تكن لقاءاتنا كافية ، لكنها ثمينة وعميقة ، حتى اللهجة المغربية التي تحبها احببناها معك ، وأغاني المغرب الكبير (الدوكالي) و( رابح درياسة) ، و(مرسول الحب) ، و ( للا فاطمة) ، ( وجاري يا حمودة) ، لم تكتف بل حملت الافكار وصقلتها ، فتارة نظنك اشتراكيا ، وتارة قوميا ، وتارة وجوديا ، وتارة براغماتيا ، أفكارك مزدحمة ، وما افتخارك بأستاذك المغربي الشهير في جامعات المغرب ( رشدي فكار) ، الذي عرفنا اسمه منك في أواخر السبعينات إلا دليلا على عمق توجهك وسمو ثقافتك العالية ، عرفنا منك اخلاقيات ( الفرولينا) ، و( الامازيغ) و(الطوارق ) و( الزنوج) . في عملك في سائر أرجاء الوطن كنت جادا لا تساوم ، حاكما إداريا فذا عادلا ، نظيف اليدين ، دخلت فقيرا وخرجت كذلك ، أذكر صاحب ذلك المطعم الشهير الذي دعوتنا إليه وقد أقسم عليك بعدم الدفع فرفضت ، قلت : يا ابن خالتي هذه ( لقمة الزقوم) التي ترددها أبا قيس . أبا عدي …قلت لقاءاتنا في مرحلة الإنتاج إن جازت تسميتها ،وقد زرتك آخر مرة في بيتك الانيق ، ووجدك منتظما في الصلاة في المسجد الذي جاور منزلك ، وصرت عند اي لقاء بيننا تطلب مني قراءة القرءان بدل ترديد الاغنيات ، وتشرفنا بقدر الخالق سويا بزيارة ( القاتل الصامت ) ، وأخذتُ بنصيحتك بمتابعة نفسي وتناول العلاج بانتظام ،وأهملت أنت نفسك لكي تصل لقدرك في ليلة ظلماء وفي ساعة كأداء ، لم تمهلك لليوم التالي بل لم تمهلك ساعات لوداع عائلتك وأحبتك ، أو إعداد مائدة طعامك التي دعوت لها أصدقائك على طاولة كرمك المعتادة . أبا عدي …لقد كان رحيلك مبكرا ، ولا نملك إلا الإذعان للقدر …يرحمك الله ويسكنك فسيح جناته ، ويبدلك دار خيرا من دارك ، وأهلا خيرا من أهلك ، وجيرانا خيرا من جيرانك ، ويثبتك عند السؤال ، وينقيك من الذتوب كما يُنقي الثوب الأبيض من الدنس ، إنه على كل شئ قدير . ابن خالتك مطلب 1 / 6 / 2016




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا