الجمعة ,29 مارس, 2024 م
الرئيسية مقالات مقال احمد حسن الزعبي الذّي منع من النشر .. "ابن العشرين"

مقال احمد حسن الزعبي الذّي منع من النشر .. "ابن العشرين"

2031

البلقاء اليوم -السلط أحمد حسن الزعبي تغيّرت معاملة أبي يحيى لأولاده – لا سيما من مرتبات المدارس- فور أن قرأ مع بداية العام الدراسي عن منحة الــ”عشرين دينارا”،ليبدو أكثر ودية ،وهدوءا، وضبطاً للنفس في الحديث معهم..وكلما استفزّه ولد أو عانده آخر في أمر ما ، ورفع يده هاوياً ليضربه تذكّر صورة المسجد الأقصى وصورة مسجد الملك المؤسس على وجهي "العشرين”ديناراً فأنزل يده وامتص غضبه وعاد إلى أساليب التربية الحديثة.. بعد عطلة العيد ، حضر شلاش إلى البيت ،حاملاً الكتب الجديدة اللامعة بين ذراعيه وقد لوّحت الشمس خدّيه المنتفخين…وفور دخوله الصالون قال لأبيه فرحاً وهو يلهث…استلمنا!!…قفز الأب فرحا: العشرين؟؟..رد شلاش: لا يابا باقي الكتب..فخاب أمل الأب وحرك فكيه بشكل أفقي و كأنه يتمضمض محاولاً أن يعيد طقم الاسنان إلى مكانه بسبب الغضب.. في شهر تشرين أول..انتظر أبو يحيى خروج الطلبة من مدرسة البنين التي في حيّهم ليظهر شلاش من ثلة من رفاقه يحمل بيده سندويشة ضخمة ويجر بيده الأخرى حقيبته المدرسية…سأله أبو يحيى بلهفة: استلمتوا العشرين؟؟..فرفع الولد حاجبيه نافياً وهو يعض عنق السندويشة… في الثلث الأخير من شهر تشرين ثاني..تفقّد أبو يحيى رصيده من خلال الصراف الآلي ليتأكد إن كانت قد نزلت "العشرون” على راتبه التقاعدي فكان وصل الاستفسار عن الرصيد يشير إلى الأًصفار الخمسة المعهودة.. كانون أول لم يكن بأحسن حال من الشهر الذي سبقه ، فلا أخبار ولا مؤشرات تدل على وصول "العشرين”…التي باتت تشبه "أسرى الحروب” والرعايا في مناطق الصراعات، حتى صار أبو يحيى يستمع إلى أغاني الهجر والغياب والنسيان بشكل لافت… في شهر كانون ثاني 2017…نتيجة الزعل الشديد والكبت المادي أحس أبو يحيى بخدر في جانبه الأيمن نقل على أثره إلى الطوارئ، وبعد إجراء صورة طبقية له ، تبين أن أبا يحيى أصيب بجلطة دماغية طفيفة فقد النطق على أثرها بشكل جزئي كما أن يده اليمنى بدت رخوة يصعب التحكم بها..وفور استيقاظه من الضربة بدأ يجول بنظره ليرى الواقفين حول سريره ،لمح شلاش..فرفع إصبعيه السبابة والوسطى كإشارة النصر وبدأ بتحريكهما بشكل متخالف…لم يفهم الحاضرون ماذا يريد..قال "جوز فزّة”: سيكارة؟ بدك سيكارة؟؟..هزّ أبو يحيى رأسه نافياً..ثم حرك إصبعيه من جديد فاقترب منه ابن تركية وقال له: مقص؟؟ نجيب مقص؟؟..هز رأسه أبو يحيى ثانية ثم تحامل عل نفسه وبدأ بتحريك لسانه الثقيل ويشير بأصبعيه..” ترين..إترين…عترين..” صاح فالح الاطرم..ماله: شو بيقول؟؟ قال: صالح الأخرس..بجوز بتشاهد، قاعد بتشاهد يا إخوان …وحاول أن يطوي إصبعه الأوسط…قول: أشهد أن لا اله الا الله…صفع أبو يحيى بيده الرخوة صالح الأخرس على خده وهو يصيح بصوت أعلى "عترين..عترين..عترين”… فهم شلاش يا يريده الوالد..وقال يا جماعة: أبوي بيسأل عن العشرين ليرة تبعت المدارس..لا يابا ما "استلمناهنش” بعدنا…. أبو يحيى وتبدو الانتكاسة بائنة عليه هذه المرة، قال بحروف مبهمة وهو يشيح بوجهه عن الحضور” ات اف أم ايت دودة”… في عام 2018 أصيب أبو يحيى بداء السكري واعتلال الشبكية ،وما فتئ يسأل عن منحة العشرين ديناراً لطلاب المدارس…في عام 2019 تم قص رجل الحجي اليسار بسبب مرض السكري، في عام 2020 تم قص الرجل اليمنى وما زال الرجل ينتظر العشرين..في عام 2021 أزال أبو يحيى الغدة الصفراوية ، وما زال ينتظر العشرين…عام 2022 تخلى أبو يحيى عن آخر "قعمة” من البروستاتا ،وأصيب بالماء بالبيضاء فوق اعتلال الشبكية،في عام 2023 هناك اشتباه بالايدز، وما زال يرفع أصابعه ويسأل شلاش في آخر كل شهر عن العشرين ديناراً…والجواب..والله يابا ما سلمونا….عام 2027 حضر شلاش إلى أبيه مبتهجاً وقد لبس روب التخرج..وطاقية الاحتفال وما زال على الروب الموشح بالأزرق بعض قصاصات الورق الملوّن والثلج الاصطناعي..وانحنى إلى فراش الوالد ليقبل يديه..بارك لي بابا….”أبو يحيى بأنفاس متقطعة وحروف ضائعة ورأسه غائر في المخدة وعيناه دامعتان تائهتان أبو يحيى وهو يتلمس وجه ابنه ..” تلات ..تلات…” آه أنا شلاش يابا….تخرّ..تخّّر..تخردت يابا؟؟؟..” لا يابا… استلمت العشرين… ات..أتهد..أتهد أن لا..أتهد أن لا اله الا الله ومحمد..ومحمد رسو..ومحمد رسول الله…وشخص بنظره إلى الروزنامة!!




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا