الخميس ,28 مارس, 2024 م
الرئيسية شخصيات المحافظة الموت يغيب الشاعر الأردني أحمد النسور

الموت يغيب الشاعر الأردني أحمد النسور

3022

البلقاء اليوم - البلقاء اليوم --السلط
_ رحل الشاعر الأردني أحمد النسور (1959 – 2018) منذ أيام في مدينة فينسيا الإيطالية إثر نوبة قلبية، حيث يقيم هناك منذ قرابة عشرين عاماً.
عمل الراحل مذيعاً للنشرة الفرنسية في التلفزيون الأردني، وكان أحد الأصوات المختلفة في المشهد الشعري في الأردن خلال تسعينيات القرن الماضي، رغم أنه لم يصدر سوى مجموعة واحدة بعنوان “أين ستذهب الجدة الأحد المقبل” تتكئ معظم قصائدها على مناخات ومرجعيات غربية.

يستذكر القاص نبيل عبد الكريم في حديثه لـ”العربي الجديد” الدورية الشعرية التي أصدرها النسور في التسعينيات بمجهود فردي، لافتاً إلى “ما تضمّنته من ترجمات لشعراء عرب إلى الفرنسية، وشعراء فرنسيين إلى العربية، مغامرة فردية وعنيدة تولّاها من الألف إلى الياء، دون أن ينتظر مساعدة من أحد”.

يتابع: “كان يضيق بالأنظمة التقليدية التي تعمل من خلالها مؤسسات الثقافة والإعلام بالرغم من أنه كان يعمل في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، ولعلّه كان يدرك – وهو في داخل المؤسسة الرسمية – أن “الانتظار” ترف لا يملكه المبدع القلق”.

يختم عبد الكريم: “غادر أحمد إلى أوروبا منذ حوالي العقدين، دون أن يلومه أحد من أصدقائه، أما رحيله الأخير فيستحق العقاب، لأنه كان سريعاً وصادماً، وكنّا في انتظار أن يعود إلينا من منفاه الاختياري كما كان وسيماً وساحراً ومشاغباً”.

في حديثه لـ”العربي الجديد”، يقول الشاعر غازي الذيبة: “كان شخصية استثنائية على مستوى التفكير والسلوك، كان جامحاً جداً مثل قصيدته التي يشتغل فيها على الريف وحكايات الجدة والأحلام والأصدقاء القدامى والكثير من التأملات الفلسفية، كما البلاد التي أراد لها أن تكون بعيدة عن الاستبداد والظلم، وقد طرح عليه عمله في المؤسسة والارتباط بها أسئلة عديدة، إذ كان يهوى الحياة والحرية لذلك قرّر أن ينتسب إليهما”.

ويضيف: “كان لديه الكثير من المبادرات ومنها مجلة “الانتظار” التي أصدر منها عددين أو ثلاثة قبل أن تتوقّف، وكثيراً ما كان يجمع الكتّاب الأردنيين مع كل شاعر أو مثقف فرنسي يزور عمّان”، مشيراً إلى أنه “كان يحلم أن يقرأ الشعراء قصائدهم بين الناس لا تفصلهم منصّة أو حواجز، وكنا نسأله دوماً عن لوحة يرسمها ولم يكملها، فيجيب: “سأنتهي منها عندما أغمض عيني وأدفن تحت التراب”، وكان يكتب رواية ربما لم ينته منها هي الأخرى أيضاً”.

يختم الذيبة: “لم يكن راضياً عن الإعلام الذي لا يقول قضاياهم الحقيقية إنما يزوّرها، وأعتقد أنه ترك قصائد وكتابات حين هدأت روحه قليلاً في مغتربه، ومنها قصائد نشرت في الفترة الأخيرة من حياته، يحنّ فيها إلى مدينته السلط ويتذكّرها حيث عبارته الدائمة “أنا أحملها معي أينما ذهبت وأمشي”، داعياً إلى جمع أوراق وإصدارها في كتاب”.

السلط
المداخن التي تنوءُ في السطوح
والثلجُ في مداخل البيوت
وفي الأزقةِ التي تنام في الضجرّ
تثاءب السكوت.
وها أنا والطاولة
وحفنةُ الأوراقِ والقلم،
مُراسلاً من غادروا!

باريس
وفوقَ سطوح المباني القديمة
في الغرفةِ المُفردَة.
تنامُ الفتاة الجميلة
وحلمي
وخيباتُ آمالي المقبلة.

لا صوت يعلو على صوت الموسيقى
الشفقة المعلّقة على النوافذ
اكتشاف كرستوفر كولومبو اليائس
للموسيقى.
دون كيشوت يترجل أخيراً. ويُصغي.
والأشياء الأخرى التي نسيتها.
تأتيني، الآن، دفعة واحدة.
من أعطاك الحقّ بلوي أعناق الكلمات؟
المصطفة، نكرة. في الطوابير
المحشورة كالمواشي في الدفاتر والقواميس.
مثلنا تماماً.
ثم .. ماذا بعد؟

الحنين المتكوّر على نفسهِ
في ثنايا الإيقاع
يقولُ طويلاً عن صراخات وعويل أواخر
الليل، الذي لا يُسمع
كل هذا الطنين في سقوف وطيئة.
تطالبُ. الآن. بديونها التي استحقت.

أيها الضوء الذي ينسانا ويهبطُ في شفقة
أنواءً تتراقص في ضباب المطر
سهولاً تنقشعُ تحت شمسٍ رحيمة.
وأنا، مستنجد بالخراب الذي لا يجيء
أيتها الكلمة القديسة
رفقاً بانكساراتنا.
حيوات طويلة ضاعت في القواميس
دون الإمساك بشحنة حركة موسيقية واحدة.
مئات آلاف القصائد الجميلة.
عجزت عن رسم الحنينِ المتكور على ذاته
ضئيلاً.. ضئيلاً
في ثنايا الإيقاع.




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا