الأربعاء ,8 مايو, 2024 م
الرئيسية مقالات ثرثرة مجانية في شأنٍ وطني! ابراهيم جابر ابراهيم

ثرثرة مجانية في شأنٍ وطني! ابراهيم جابر ابراهيم

1538

imgid11055
لا يمكن منع الناس من التعبير عن مشاعرهم في قضية وطنية مثل قضية “الطيار المختطف معاذ الكساسبة”، لكنَّه يجب أيضاً، وبشكل ملحّ، منع الثرثرة المجّانية التي تؤذي هذه القضية الوطنية الخطيرة، وتؤذي صاحبها الشابّ الأسير. فالأمر يتعلق بحياة رجل وقع في قبضة أقسى تنظيم عرفه التاريخ حتى الآن، ولا يعلم بالظرف الذي يعيشه الآن الا الله، والقصة ليست “هوشة” في جامعة، أو مباراة كرة قدم، ولا ينفع معها اللعب والثرثرة على “فيسبوك” و”تويتر” وغيرها، وعلى مواقع إخبارية ساذجة تضرّ بالأمن الوطني والشخصي للقضية من حيث تعتقد أنها تنفعه. الأولاد والبنات الذين “يلعبون شعرا وموسيقى ورسما” على مواقع التواصل ليواصلوا اللعب ولكن ليس بقضية بالغة الخطورة كهذه، وبحياة إنسان لا نعلم ظرفه القاسي. فليس من الذكاء أبداً ولا حتى من الوطنية تدبيج كلام على لسان الكساسبة ونشره مفاده أنه كان متحمساً جداً وبشكل شخصي لقتال التنظيم! وليس من العقل أبداً تلفيق أناشيد بصوت غير صوته وتركيبها على صوره والقول إنها آخر كلام له قبل العملية،.. هذه سذاجات ومراهَقات ينبغي توقفها فوراً، لأن الذي حدث ليس مشكلة مع حارة أخرى، أو عشيرة أخرى، بل مع تنظيم دموي لم يتورع عن أي شيء حتى الآن، ولا يجوز ترك مخاطبته لأولاد وبنات الفيسبوك، والمواقع الإخبارية “الهبلة”، فهذا شأن الدولة، وأجهزتها، وشأن التحالف الدولي الذي كان هذا الضابط أيضاً يمثله، والموضوع ليس مباراة كرة على الطريقة الأردنية، ولا تلويحاً بالشعارات الجوفاء، ولا هي جاهة تنتظر من يدقُّ على صدره ! الموضوع أكثر تعقيداً وأصعب، ويحتاج الى أجهزة خبيرة تعمل بلا تشويش، وبلا زفّة شعبية. نفهم أن المجتمع الأردني غير خبير بهذه الأمور، ولم يجرّبها من قبل، ونعلم كم هو عاطفي وتحرّكه مشاعره، خصوصاً في قضية شاب وقع في أيدي برابرة لا يرحمون، لكنّ العقل والعقل وحده هو الكفيل بمعالجة قضية حسّاسة كهذه، أمّا الحماقات المراهقة والوطنيات الساذجة فقد تودي بالأمر الى زاوية أخطر وتجعله أكثر تعقيداً. حيث لا يعقل أن ندمج الوطني بالسياسي بالشعبي بالثرثرة المجانية على هذا النحو الذي لا يحدث الا في بلادنا، حتى وصل الأمر بالبعض على “فيسبوك” وغيره أن يقترح على الدولة أسماء سجناء يمكن مبادلتهم بالطيّار الأسير، أو وضع خطط هجومية لتحريره يقترحها شباب صغار لم يحظوا حتى بـ “خدمة العلم” ! نحن نفهم شغف شعبنا بـ “قعدات التحليل السياسي”، وأحيانا البحث عن طرق عاطفية مسكينة وبدائية للتعبير عن (ولائه وانتمائه)، وهذا يحسب للناس، ولطيبتهم، لكنه في (أوقات الحرب) قد يودي بصاحبه، ونحن الآن في (حالة حرب). وهذا يوجب على الجهات الرسمية ان تنشر بين الناس ثقافة وطرق التعامل مع ظرف الحرب؛ حيث أن جيلين أو أكثر من أبناء البلد لم يعيشوا حرباً قبل ذلك، ولا يعرفون أنها لا تخاض بالفزعات والصياح! نحن الآن بحاجة لتثقيف شعبي لطبيعة العدو الجديد وكيف يتم التعامل معه، حتى لا نترك ذلك لشباب الفيسبوك ومواقع إخبارية غير مهنية وخطباء المساجد!
 




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا