الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
الرئيسية مقالات النص الاصلي --"من الدفّ وجوّه"

النص الاصلي --"من الدفّ وجوّه"

1862

  imgid63707 أحمد حسن ا النص الأصلي أفهمه منذ اليوم الأول، أن مهمّته تنحصر فقط بتنظيم الدور وضبط الميزان وتنفيذ الأوامر.. مقابل أن يأخذ أجره كاملاً في نهاية كل شهر، وإذا حاول ان يتدخّل بشغل الخبازين والعجّانين فسيطرده كما طرد من سبقوه..خفض الموظف الجديد رأسه للطاعة موافقاً على كل الشروط التي يعرفها والتي لا يعرفها ، ارتدى طاقية بيضاء و ربط مريولاً حول خصره، وبدأ يلتقط الأرغفة الخارجة للتو من بيت النار، ينشرها للحظات على ألواح الخشب ثم يوزنها للزبون..مبدياً لصاحب الفرن أقصى درجات الهمة والنشاط..معطياً نفسه –في نفس الوقت- أسبوعا ليشرب طباع المالك والعاملين والزبائن.. الأسبوع التالي بدأ الصبي يعبث بخفّة في الميزان، كان يبقي يده فوق الأرغفة لتثقلها..والفرق بين المدفوع والفعلي كان يضعه جانباً..في آخر النهار يحاسب المعلم على ثمن الخبز الفعلي..ثم يعطيه الربح الزائد بصرة منفصلة، فيسرّ المالك أيّما سرور.. اكتسب ثقة أكثر مع تمدد ابتسامة الرضا ، فقرر في الأسبوع الثاني وضع "ثقالة" بوزن ربع كيلو في الميزان ..وبدأ يحاسب الزبون على كيلو بينما الوزن الفعلي للخبز ثلاثة أرباعها..وفي آخر النهار يهدي المالك الوزن والربح المضاعف معاً...ربما لم يكن يضع شيئاً في جيبه سوى كلمات الثناء والبغشيش المجزي آخر الشهر، لكنه كان مهووساً بمسك "الدف" وإدارة الميزان...الأسبوع الثالث همس بأذن العجّانين أن يصّغروا قطعة العجين..وطلب من الخبازين ان "يرقّونها" أكثر لتبدوا طبيعية...اشتكى العجانون لصاحب المخبز تدخل الموظف الجديد بعملهم...فما كان من صبي الميزان الا ان وشوش المعلم قائلا: عندما نصغر قطعة العجين يزيد الربح ، كما يجب الا تنسى ان هناك 250غراماً أسفل الميزان..فإذا كنت تربح بالكيلو خمسة قروش ستربح عشرة..فأمر المالك العجانين ان يطيعوا فتى الميزان...بدأ الناس يلاحظون الفرق في الوزن والنكهة ومع ذلك استمروا بالشراء دون أية شكوى..الأسبوع الرابع ..طلب من الخبّازين ان يخفضوا النار على الخبز ليتركوا أطرافه طرية غير ناضجة...فاشتكى الخبازون لصاحب المخبز تدخل الموظف الجديد بعملهم ..فعاد فتى الميزان ووشوش المعلم: عندما نخفض النار عل الخبز نوفر الوقود ونثقل الرغيف ، لا تنسى ان هناك 250 غم أسفل الميزان غير يدي الضاغطة وغير تصغير القطعة...اذا كنت تربح بالكيلو عشرة قروش ستربح 15 قرشاً...الأسبوع الخامس ألغى الميزان وصار يبيع على الرغيف والرغيف بحجم الخاتم...احتج الناس خارج المخبز متذمّرين من فتى الفرّان ...قال "ابو عبده الخبّاز" لصاحب الفرن..الناس تحتج وتتذمر ويطالبون بتغيير "صبي الميزان"...تنهّد المعلم وقال: هات لي بفتى آخر بمثل صفاته...منذ ان مسك الميزان...أصبح ربحي مئتين بالمئة والتكلفة صفر..وفوق ذلك الناس جياع ويباتون على باب مخبزي... قال له أبو عبده : سيدي هذا الكلام من الدفّ وجوه...فماذا عن الكلام "من الدفّ وبرّه"...استند صاحب الفرن...نكت ثوبه من الطحين العالق على كرسي الخيزران... ثم رفع قاطع الخشب إلى أعلى...ووقف أمام الدف...مخاطباً اهالي القرية ... يا "أهالي "أم العوايص" الكرام...استمراراً في خدمتنا لكم...ورغبة منا في تلبية طموحكم ونتيجة لتذمركم المستمر من سلوك وأمانة "صبي الميزان"...فقد قررت إقالة "أبو عبده" الخباز... احمد حسن الزعبي ahmedalzoubi@ihotmail.com




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا