البلقاء اليوم - كل الاتصالات والوساطات التي بذلت، لم تتمكن من التأثير على المواقف الاسبارطية (التوراتية) لبنيامين نتنياهو. هذه هي اللحظة التاريخية التي يضع فيها "الحاخامات" عباءاتهم على لبنان، لاستكمال "الحلقة الميتة" حول الدولة العبرية. توم براك، كناطق باسم الرئيس الأميركي، وصف باللغة الانشطارية (العنقودية) اياها الدولة اللبنانية، بالدولة الفاشلة التي لا يمكنها البقاء دون التدخل، اما من "اسرائيل" أو من سوريا.
تصوروا أن رئيس الحكومة "الاسرائيلية"، أبلغ دولة تتوسط لـ"خفض التصعيد"، تمهيداً لبلورة سيناريو تفاوضي ينهي حالة التوتر بين بيروت و"تل أبيب"، ان ما يقوم به هو بناء على رغبة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، بمن في ذلك العديد من الشيعة الذي يشكلون البيئة الحاضنة لحزب الله. أي لبنان ذاك، حين يتداخل الجنون الداخلي مع الجنون الخارجي؟
أن يستقبل الرئيس الأميركي نظيره السوري أحمد الشرع في المكتب البيضاوي، فهذا له دلالاته السياسية والاستراتيجية البعيدة المدى. بالتأكيد تداعيات مباشرة على لبنان، الذي سبق وكتبنا انه محاط من الشمال بنظام ايديولوجي بالتأويل الدموي للنص القرآني، ومن الجنوب بنظام ايديولوجي بالتأويل الدموي للنص التوراتي.
بديهي أن تكون مسألة التطبيع بين دمشق و"تل أبيب" على الطاولة، ما ينسحب تلقائياً على بيروت. ولكن ماذا اذا قام ترامب بدور العراب لشراكة سورية ـ "اسرائيلية"، في ادارة ما تبقى من الدولة اللبنانية؟ لكن هل يقبل الائتلاف اليميني بذلك، وهو الذي يحاول منع رجب طيب اردوغان من الوصاية على السلطة السورية، التي كان هو الطرف الأساسي في قيامها واستخدامها، كأداة جيوسياسية في مشروعه احياء السلطنة العثمانية ؟ بديهي ألاّ يقبل بأي دور سوري في لبنان، حتى ولو كان لمصلحة "اسرائيل"؟
في العقل التوراتي نظرة خاصة الى من يرى فيهم "ذئاب الشمال"، الذين يفترض تجريدهم من مخالبهم، وابقاؤهم هكذا في "الحجر الاستراتيجي". وكان موشي ديان قد وصف سوريا بـ"الوباء التاريخي"، ليصف آرييل شارون لبنان بـ"الخطأ التاريخي" بالتأكيد زيارة الشرع لواشنطن، لا يمكن أن تكون الزيارة العادية في ظروف استثنائية، بعدما تحدث ستيف ويتكوف، الذي حظي بالثناء الشديد من دونالد ترامب، عن ضرورة التداخل السوري واللبناني في مسار التطبيع مع "اسرائيل". اذاً ما تفعله القاذفات، هو كالعادة شق الطريق بالجثث أو بالخراب (المادي والسيكولوجي)، لفرض "الحالة الاسرائيلية" على لبنان، بعدما ظهرت دبابات ايال زامير عند أبواب دمشق.
ما هو موقف المملكة العربية السعودية من الاختراق الأميركي للرئاسة السورية؟ بطبيعة الحال، لا مجال لاغفال "التناغم التاريخي" بين السياسات الأميركية والسياسات السعودية في المنطقة. لكن ما يجري أميركياً و"اسرائيلياً" الآن، هو قطع الطريق على أي محاولة لاقامة الدولة الفلسطينية، أو حتى لابقاء القضية الفلسطينية على قيد الحياة. وهذا يتناقض كلياً مع اتجاه المملكة، كحاضرة عربية واسلامية مؤثرة، الى انشاء كيان دستوري للفلسطينيين، كركيزة أساسية للاستقرار في الشرق الأوسط، الذي يبدو أن ادارة دونالد ترامب تجهل كلياً ما هي طبيعة تضاريسه الايديولوجية والتاريخية.
لا ندري ما تكون عليه مواقف السعودية حيال التوجهات الأميركية الراهنة. لكن المفاجأة جاءت هذه المرة لا من دولة عربية، وانما من كازاخستان التي 70 في المئة من سكانها مسلمون، وهي كبرى الدول الاسلامية في آسيا الوسطى، اذ تتاخم روسيا والصين، وتقع على حدود ثلاث دول "تركية" هي: أوزبكستان، وتركمانستان، وقيرغيزستان، كما أنها تمتلك احتياطياً لا يستهان به من النفط والغاز، لتتوقع وسائل اعلام أميركية لحاق دول أخرى في آسيا الوسطى والقوقاز بخطوة قاسم جومارت توكاييف، بعدما كانت واشنطن تراهن على التحاق بلدان عربية بدومينو التطبيع، لولا انفجار التراجيديا الفلسطينة!
لا تأثير للدول العربية ولا للدول الاسلامية، على ديناميات التغيير في الشرق الأوسط، حتى أن الأوروبيين يشتكون من غياب أي دور لهم في هذه المنطقة، كخاصرة بالغة الحساسية بالنسبة الى الأمن الاستراتيجي للقارة العجوز. "الاندبندنت" وصفت رئيس الحكومة البريطانية السابق طوني بلير بـ"الشبح الأميركي"، الذي يقيم في شقوق الجدران بـ"العقل البارد"، أو بـ"العقل الميكانيكي" الذي يفتقد أي شعور أخلاقي، حتى حيال المشاهد المروعة التي يواجهها الشرق الأوسط بشكل عام.
لكن "الدبيب التركي" يظهر في أكثر من مكان، بعدما قال الصحافي التركي البارز جنكيز تشاندار، ان اردوغان ارتضى لنفسه أن يلعب دور "الثعبان الأميركي" في أكثر من ملف في الشرق الأوسط، دون أن يدري أن نهايته ستكون "في احدى زوايا الحرملك"، بذلك الرهان العبثي على أن يكون دوره موازياً لدور نتنياهو، وهو الذي يدرك ما طبيعة العلاقات بين واشنطن و"تل أبيب".
اذاً، لبنان مثلما هو على طاولة دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، هو أيضاً على طاولة دونالد ترامب وأحمد الشرع. اثنان ضد المقاومة، ويتطلعان الى اقتلاعها من الساحة اللبنانية. لكن الثابت أن الاثنين يتطلعان الى اقتلاع لبنان من خارطة الشرق الأوسط. أي صفقة تلك التي في انتظارنا...؟!
-
-
تركيا: جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه تُعاد السبت إلى ليبيا
- أفادت وزارة الدفاع التركية بأنّ جثامين رئيس... -
-
وزارة الداخلية السورية: انفجار إرهابي استهدف مسجد علي بن أبي طالب أثناء صلاة الجمعة
وزارة الداخلية السورية: انفجار إرهابي استهدف... -
وفاة رئيس أركان الجيش الليبي بعد تحطم طائرة تقله من تركيا ..
وفاة رئيس أركان الجيش الليبي بعد تحطم طائرة... -
طبول الحرب تُقرع…الجيش الإيراني: "مستعدون لمواجهة أي تهديد برا وجوا وبحرا".
طبول الحرب تُقرع…الجيش الإيراني: مستعدون... -
الاستخبارات الأمريكية: روسيا غير قادرة على احتلال أوكرانيا وغزو أوروبا
قالت مديرة الاستخبارات الأميركية تلسي غابارد... -
تقرير: إسرائيل حاولت منع رفع العقوبات عن سورية وترمب رفض
- كشفت هيئة البث الإسرائيلية، السبت، أن إسرائيل... -
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع
إقرأ ايضاً
صحيفة "هآرتس": - انتحار الضابط بالجيش الاسرائيلي "توماس إدزغأوسكَس" من لواء "جفعاتي"
صحيفة هآرتس: - انتحار الضابط بالجيش الاسرائيلي...