الثلاثاء ,7 مايو, 2024 م
الرئيسية مقالات قرص "البث"

قرص "البث"

3632

1394327_569874716413058_310210670_n

أحمد حسن الزعبي

نبتة دوار الشمس تفني عمرها وهي تنظر إلى قرص الشمس وتتبع تحركاته لحظة بلحظة وزاوية بزاوية، من دون أن تأبه لسوس ساقها، أو أن تخطو خطوة نحو حريتها، أو تكترث إلى موعد قطافها الذي سيدهمها بعيد لحظات.

كذلك نحن، فقد أصبحنا أمة «دوّار الستلايت».. نفني أعمارنا ونحن ننظر إلى قرص «البث» بتحركاته لحظة بلحظة وزاوية بزاوية، من دون أن نأبه بمشكلاتنا أو نخطو خطوة نحو تقدّمنا وتحضّرنا، أو نكترث إلى موعد قطافنا الذي سيدهمنا على غفلة.

نتفنن في الترفيه.. من «عرب آيدول»، إلى إكس فاكتور»، إلى «عرب جود تالانت»، إلى الدوري الإسباني، إلى نهائي أمم أوروبا، إلى الدوري الأوروبي، إلى كأس العالم، كل هذه «التخمة» الترفيهية تكبر وتتورّم.. بينما هناك دول تذوب وتحترق وتتضاءل ويتم تقاسمها كما تقسّم «الذبيحة».

على الإطلاق لا أدعو إلى التشاؤم أو الانكسار، لكن لدينا «اندلاق» مبالغ فيه بكل شيء إلا بالصحيان على أنفسنا أو النظر إلى مستقبلنا، منذ انطلاقة كأس العالم هذا الأسبوع، وكل شيء حولي انقلب إلى رياضي فجأة، دكانة «أبو يحيى» تضع علم البرازيل، صيدلية عبد المعطي تضع إعلاناً «هنا نبث مباريات كأس العالم».. "معاّطة جاج" عوض، بناشر رافع الجك، نوفة لتجهيز العرايس، جميعهم ينشرون جداول كأس العالم، ويغزّون الرايات بثقوب الواجهات وفوق الزجاج، حتى صرت أتخيّل أم العيال حكم ساحة، ورأس عبود « يمار دا سيلفا» وخشم حمزة بمواصفات خشم نجم المنتخب الغاني «أسامواه»، حتى صوت "تبع" بكم البطيخ تحت نافذتي، اختلط مع صوت «عصام الشوالي» في مخيلتي.

جميل التفاعل مع هذا الحدث الرياضي العالمي، لكن الأجمل عندما نشجّع لعبة مثل كرة القدم، أن نتقاطع مع هذه الرياضة ولو واحداً بالألف، مثلاً أن نكون قد ركلنا كرة قبل عقدين من الزمان، أو حرّكنا القدم في مشوار ولو مرة من البيت إلى العمل، بلاش.. على الأقل أن يكون لدينا لياقة الصعود على الدرج، ومهارة حمل جرة الغاز، وليونة وضع رجل على رجل من دون أن نضغط الكرش أو نحدث أمراً، كما أنني بصراحة مطلقة لا أستطيع أن أتخيل رجلاً مهووساً بالرياضة، والمسافة ما بين خده الأيسر إلى خدّه الأيمن مسيرة أسبوع لرجل متعجّل، يضع أمامه وجبة بيتزا دائرية بحجم ميدان التحرير، وخزّان كولا، ومصاصة إنشين، وأرجيلة تفاحتين، ويشجّع إيطاليا مثلاً؟؟!! من يشجّع إيطاليا عليه أن يكون بقوام «بالوتيلي» أو عُشر لياقته.

المفارقة المضحكة أن كل هذه الأمة الشغوفة بالغناء والرياضة «صوتها لم يسمع مرة».. والرياضة الوحيدة التي تمارسها هي الجري وراء الرغيف.

ahmedalzoubi@hotmail.com




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا