البلقاء اليوم -
يتداول الشارع الأردني حالياً أنباء عن قرار وشيك بنقل فروع مؤسسة الغذاء والدواء في المحافظات إلى العاصمة عمان، وهو قرار يثير قلقاً واسعاً لما قد يترتب عليه من انعكاسات تمسّ بشكل مباشر صحة المواطنين وسلامة غذائهم ودوائهم.
فوجود فروع المؤسسة في المحافظات لم يكن يوماً ترفاً إدارياً، بل ضرورة حقيقية لضمان سرعة الاستجابة والمراقبة اليومية للأسواق والمنشآت الغذائية والصيدلانية المنتشرة في مختلف المناطق.
نقل الفروع إلى العاصمة يعني عملياً إضعاف منظومة الرقابة، لأن موظفي المؤسسة في المحافظات هم خط الدفاع الأول عن صحة المواطن، وهم من يراقبون المصانع والمخابز والمطاعم والصيدليات بشكل مباشر.
فإذا أصبحت الرقابة مركزية فقط، فسيحتاج التفتيش إلى تنقلات لمسافات طويلة، مما سيؤخر التعامل مع المخالفات الطارئة ويجعل عملية المتابعة أكثر تعقيداً وكلفة.
كما أن هذا القرار قد يؤدي إلى فجوة زمنية في الرقابة، فبدل أن تكون المؤسسة على تماس مباشر مع الأسواق، ستصبح إجراءاتها مؤجلة أو مرتبطة بموافقات مركزية.
يُضاف إلى ذلك أن المؤسسة تعاني أصلاً من نقص واضح في الكوادر البشرية في المحافظات، وهو ما ينعكس في حجم الضغط الكبير على موظفيها وصعوبة تغطية جميع مناطق الرقابة بفاعلية كافية.
هذا النقص في الكادر يُلاحظ بشكل جلي في كثرة المراجعات، وطول فترات الانتظار، والتأخر في إنجاز بعض معاملات الغذاء والدواء، سواء كانت ترخيص منشأة أو فحص منتج أو متابعة شكوى.
فكيف سيكون الحال إذا أُضيف إلى هذا الضغط نقل الفروع إلى العاصمة، مما سيزيد العبء ويجعل الرقابة الميدانية أكثر هشاشة وضعفاً؟
المشكلة لا تقتصر على الجانب الفني فقط، بل تمتد إلى تعقيد الإجراءات على المواطنين وأصحاب المنشآت.
فكل معاملة تتعلق بتسجيل منتج أو الحصول على ترخيص أو حتى تقديم شكوى ستُجبر المواطن على مراجعة العاصمة عمان، بعد أن كانت تُنجز في محافظته خلال وقت قصير.
هذا التحوّل سيزيد البيروقراطية ويثقل كاهل المواطنين، وهو يتعارض بشكل واضح مع توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني الداعية دوماً إلى تسهيل الإجراءات وتقريب الخدمات من الناس وليس العكس.
إن أي نظام رقابي فعال يحتاج إلى وجود ميداني قوي، وإلى عيون مفتوحة في كل محافظة ومدينة. الفروع المحلية ليست مجرد مكاتب، بل تمثل شبكة تواصل مباشر بين المواطن ومؤسسة الغذاء والدواء، تتابع الأسواق وتتعامل مع البلاغات بسرعة وتصدر قرارات فورية تحفظ سلامة الناس.
إن اختفاء هذا الوجود سيجعل الرقابة بطيئة وردّ الفعل متأخراً، وقد يُفقد المواطنين الثقة بقدرة المؤسسة على حمايتهم.
كما أن لهذا القرار تأثيرات اجتماعية واقتصادية، فالفروع توفر فرص عمل لأبناء المحافظات، وتخفف الضغط عن العاصمة، وتدعم التنمية المتوازنة التي تسعى الدولة إلى تحقيقها منذ سنوات.
إغلاق هذه الفروع أو نقلها سيعيد تركيز الوظائف والقرارات في عمان، ويعمّق الإحساس بعدم العدالة في توزيع الخدمات.
إن ملف الغذاء والدواء هو من أكثر الملفات حساسية في أي دولة، ولا يحتمل المجازفة أو الارتجال الإداري.
المطلوب اليوم أن تتم مراجعة هذا التوجه بدقة، وأن تُطرح بدائل تحفظ كفاءة العمل وتضمن استمرار الخدمة في المحافظات، مثل تطوير البنية الرقمية أو تعزيز التفويض الإداري بدلاً من سحب الصلاحيات.
نقل فروع مؤسسة الغذاء والدواء إلى العاصمة سيترك غذاء ودواء الناس في مهبّ الريح، ويجعل الرقابة مرهونة بالمسافات والموافقات، ويزيد من معاناة المواطن الذي يسعى للحصول على أبسط حقوقه في الصحة والسلامة والخدمة القريبة.
المطلوب هو اللامركزية الفاعلة لا المركزية المعطِّلة، والميدان هو المكان الطبيعي لحماية غذاء الناس ودوائهم، لا المكاتب البعيدة خلف الجدران
المهندس المثنى بشير العربيات
-
المسلماني يثني على اقتراح الرفاعي بشأن موقع المدينة الإدارية الجديدة
المسلماني يثني على اقتراح الرفاعي بشأن موقع... -
-
-
-
-
الأردن يطرح عطاء "تطوير جابر" بـ 3.6 مليون دينار ويؤكده "مشروع شراكة" بين العام والخاص
تفقد فريق حكومي يضم 4 وزراء مركز حدود جابر... -
الاردن| 4 وزراء يزورون مركز "جابر" الحدودي لمناقشة تطوير المركز
#الاردن| 4 وزراء يزورون مركز جابر الحدودي... -
انخفاض غير مسبوق .. سعر كيلو لحم الخروف السوري يسجل 5 دنانير في شمال الأردن
| شهدت أسواق شمال الأردن، وتحديداً في مدينة...
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع