البلقاء اليوم - قصة رسمة !
( الاختناق الفولكلوري )
ذكرني احد مدوني الفيسبوك برسم شتائي رسمته قبل اكثر من عشرين عاماً ( ما ان هطلت الامطار امس في عمان حتى انهمرت معها بوستات حافلة بالنوستالجيا العمّانية ورائحة شوربة العدس وبخار الافواه في يوم بارد ) ، المدون ( وقد عرف نفسه بأنه كاتب وباحث في التراث والزمن الجميل ، وله مني كل الشكر ) ارفق رسمي المنشور تحت عنوان ( الاختناق الفولكلوري ! ) ، تذكرت الرسم فتأثرت كما بلادنا الان بكتلة هوائية عاطفية عميقة، عندما قرأت البوستات الشتوية احسست بسرسوق هواء تسرب الى غرفتي من شق مجهول ، فهزني الوجد والحنين ، وعادت بي الذكريات الى سابق السنين .. حيث الشتاء والكستناء ودواء التوسفين .
( تفسير للمتابعين من جيل زد وعلى قاعدة زدني علماً : التوسفين دواء لنزلات البرد والسعال انتشر في الاردن في عقدي السبعينات والثمانينيات ، زجاجة بنية اللون تحوي دواء حلو الطعم ويُصرف مرفقاً مع ملعقة بلاستيكية تذكرني بمركبة فضائية، ويشربه السرسرية بكثرة للوصول الى حالة النشوة )
نعم ، انه ابومحجوب وقد تلفع بلحاف فلاحي تعلوه فروة بدوية تعبق برائحة تبغ الهيشي ، وربما نام وهو يلبس الفلدة العسكرية خوفا من لفحة البرد ، يعطي الاوامر متدثرا بجانب كومة لحم فلذات كبده النائمين فوق فرشات التبول اللاارادي الملفوفة بمشمع شفاف مهترئ يفوح بالصنان ، تحت اغطية مزينة برسومات النمور الآسيوية ، نعم كنا ننام هكذا وهكذا كان بيتنا المستأجر في حي المصاروة بجبل عمان ،كانت غرفة واحدة ( وعلى قولة عادل امام في مسرحية شاهد ما شافش حاجة : انت وامك ومراتك وحماتك والسبع عيال .. قاعدين في اوضة وحدة .. اتكل على الله واشتغل رقاصة ) غرفة تتوشح جدرانها بلوحات سريالية مرسومة بشقوق الرطوبة وعفنها الابيض وخطوط دلف المطر ، لها باب حديدي صدئ قبيح بدرفتين وشباكين صغيرين وعوارض تقوية حديدية ترسم اشارتي إكس على كل درفة ، يعلو احد جدرانها ثقب بواري مغلق بممسحة قديمة ، في ليالي الشتاء الباردة كنا نوقد الفوجيكا ( من جبل فوجي لجبل عمان ، صوبة فوجيكا اليابانية الاصلية ، صنعوها رَبع الكاميكاز وبتشتغل عالكاز ) ونشغل التلفاز فيظهر البث بخطوط مشوشة متوازية تتذبذب بتطابق غريب مع اهتزاز باب غرفتنا الحديدي القبيح جراء هبوب الريح ، واذا نزل الثلج واغلقت الطرقات ، تقوى اشارة التلفاز ويختفي التشويش لسبب ما وتتوهج قبة الفوجيكا النارية مع بعض اللهب ، وتتوهج وجوهنا امام التلفاز حيث يظهر المذيع لابساً بلوزاً صوفيا ( بقبة خنِق ) معلنا بتجهم بأنه وبسبب الظروف الجوية الطارئة فقد تقرر بثٌ غير مبرمج لمسرحية ( شاهد ما شافش حاجة) وغيرها من المسرحيات الكوميدية طوال وقت العاصفة الثلجية !
احييييه ! ها انا اكتب وارسم الان لكم وانا اكز اسناني المرتجفة ، انا عماد العائد من مدرسته باكرا وعلى عجل تحت المطر بسبب ذات الظروف الجوية الطارئة ( يا الله ما احلى الترويحة من المدرسة في الشتا قبل نهاية الدوام ) ، اسمع صوت المزاريب الدافقة مع خطوات الراكضين في الشارع ، البس طاقية جلدية تشبه طاقية طياري الكاميكاز ( الانتحاريين اليابانيين وصانعي الفوجيكا الجبارة ما غيرهم ) اركض كقط عماني مذعور خوفا من الدهس وطرطشة اللبص ، اقف قليلا بجوار فرن قديم يبث دفئاً في الشارع المبلل ، دفء برائحة الخبز الساخن والكاز الجميل ، ثم اتابع الركض وقطرات المطر تصطدم في وجهي ( ياله من شعور جميل افتقده منذ زمن بعيد ) بعض قطرات المطر نفذ الى ظهري من تحت ملابسي بطريقة ما ، مما تسبب لي بجفلة وقشعريرة برد حادة جميلة افتقدها الان ، اقفز على درج الحارة الذي صار شلال طين لاركل في اخره باب الحديد واجلس في غرفة بيتي حيث الدفء والميرمية ، ومقلوبة الزهرة المقلوبة للتو تملأ غرفتنا اليتيمة بالبخار ، اتغطى بحرام النمر الاسيوي بعد وجبة الغذاء، أخرِج من حقيبتي المدرسية ( المبتلة الملطخة بعصرونات الزيت والزعتر ) احب الدفاتر الى قلبي ، دفتر الطبيعة ( الى جيل زد مرة اخرى : دفتر الطبيعة دفتر مدرسي يتميز بتناوب اوراقه مابين الورق المسطر و والورق الفارغ ) واشرع في الرسم ، ارسم محتويات الغرفة ، وارسم المطر ، والنمور الاسيوية ، لارسم لاحقا ( الاختناق الفولكلوري) بوحي من ذلك اليوم الشتائي العالق في جدار ذاكرتي كممسحة قديمة في ثقب بواري، وعلى قولة ابو محجوب .. سكرو الشبابيك .. اطبقو الابواب .. اكمرو الاولاد باللحافات والحرامات .. وماتخلو اي منفس هوا .. وخلو الصوبة مولعة .. وتصبحو على خير وانا لله وانا اليه راجعون .. وتخبوا منيح اجاكو الريح ، احييييه ! بالله اطبق الباب وراك وانت طالع وهلا عمي !
-
الراصد الأردني مأمون عقل يوضح احتمالات هطول الثلج نهاية الشهر
- أوضح الراصد الجوي الأردني مأمون عقل، وجود... -
مؤشرات لنزول قطبي بارد جداً ومبكر صوب بلاد المغرب العربي نهاية هذا الاسبوع
مؤشرات لنزول قطبي بارد جداً ومبكر صوب بلاد... -
بعد فترة جفاف طويلة… صور متداولة تُظهر سدّ الوالة وقد أعادت إليه أمطار الخير الحياة.
بعد فترة جفاف طويلة… صور متداولة تُظهر سدّ... -
للمهتمين .. يمكنك حجز “قبر” على سطح المريخ مقابل 25 ألف دولار
فتحت شركة Celestis الأمريكية المتخصصة في تكريم... -
عودة الحياة لسد الواله في محافظة مادبا في اليومين الماضيبن بعد جفافه بشكل تام .
عودة الحياة لسد الواله في محافظة مادبا في... -
أمطار رعدية متوقعة واستمرار تأثير عدم الاستقرار الجوي حتى الأحد
- يطرأ السبت انخفاضٌ قليل على درجات الحرارة،... -
*رحيل الشيخ عبد العظيم سلهب .. صوت القدس المدافع عن الأقصى*
سيرة حافلة بالعطاء والإعمار في خدمة المسجد... -
في حال ثبات المعطيات الحالية يمكن ان نطلق عليها الان مصطلح " شتوة معتبرة "
تحسن ملحوظ على كميات الامطار المتوقعة نهاية...
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع