الرئيسية أخبار الجامعات سجال حول توقيف السلطات الأردنية طلاباً دعوا إلى "تحريم الكريسماس"

سجال حول توقيف السلطات الأردنية طلاباً دعوا إلى "تحريم الكريسماس"

29

البلقاء اليوم - أحالت الجهات الأمنية الأردنية، اليوم الأربعاء، 16 شخصاً على محافظ العاصمة، إثر قيامهم بإثارة خطابات الكراهية والنعرات الدينية والطائفية عبر منشورات تضمنت إساءات للأعياد المسيحية. وجاء ذلك وفقاً لقناة "المملكة" الرسمية عن مصدر أمني، شدد بدوره على أنه لن يتم التهاون مع أي شخص يرتكب مثل هذه المخالفات التي تعكر الصفو العام والسلم المجتمعي، وتسيء إلى أي فئة من نسيج المجتمع الأردني تحت أي ظرف كان. وأشار المصدر إلى أن الجهات الأمنية ما زالت ترصد أية منشورات تثير الفتن والنعرات الدينية، مؤكداً أنها ستلاحق ناشريها ومعيدي بثها لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم.

وكانت السلطات الأردنية قد أوقفت عدداً من الأشخاص، السبت الماضي، جلّهم من طلبة الجامعة الهاشمية في الزرقاء، على خلفية حديثهم عن تحريم الاحتفال بـ"الكريسماس"، والدعوة إلى عدم المشاركة أو تبادل التهاني بهذه المناسبة، وفقاً لذوي الموقوفين.

وكان الكاتب والروائي أيمن العتوم قد أعلن عبر حسابه على "فيسبوك"، أمس الثلاثاء، اعتقال ابنه حسن، الطالب في الهندسة الميكانيكية بالجامعة الهاشمية، إلى جانب عدد من الطلبة، من دون توجيه أي تهم، أو السماح بزيارتهم. وأضاف العتوم أنه لا يعرف أسباب الاعتقال أو أماكن الاحتجاز، لافتاً إلى أن ما جرى اقتصر على تفكير الموقوفين في حملة موجهة للمسلمين لبيان الحكم الشرعي في الاحتفال بـ"الكريسماس". واعتبر أن ما حدث يمثل تجريماً للمواقف الفكرية والدينية، مشيراً إلى أن ابنه والطلبة الآخرين تحركوا بدافع قناعاتهم الدينية، لا بقصد الإساءة أو الإضرار بالمجتمع.

وفي وقت لاحق من مساء الأربعاء، عاد العتوم ليعلن عبر حسابه ذاته، أنه تم الإفراج عن ابنه حسن من سجن ماركا برفقة ثمانية من زملائه، بينما بقي ستة آخرون قيد الاحتجاز.


وفي السياق ذاته، أعلنت غيداء البلوي، ابنة الداعية الأردني أيمن البلوي، اعتقال والدها من قبل القوات الأمنية "دون أسباب واضحة"، مؤكدةً عدم معرفتها بمكان احتجازه، وعدم السماح لها بالتواصل معه. وجاء توقيف البلوي عقب نشره مقطع فيديو تناول فيه مسألة المشاركة في الاحتفال برأس السنة الميلادية.


من جانبه، قال الصحافي المختصّ بقضايا حقوق الإنسان والحريات، خالد القضاة، لـ"العربي الجديد"، إن أي خطاب أو منشور يهدف إلى بث الفرقة بين مكونات المجتمع على أساس اللون أو العرق أو الدين لا يمكن اعتباره حرية تعبير، مشدداً على ضرورة احترام المشاعر الدينية لجميع الأطراف، ومراعاة ذلك في المناسبات الدينية. وأشار القضاة إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أقرت عام 2018 بأن الإساءة إلى الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) لا تندرج ضمن حرية التعبير، معتبرة أن إدانة محكمة نمساوية لسيدة بتهمة الإساءة للنبي الكريم لا تشكّل انتهاكاً للمادة العاشرة من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان، في تأكيد أن حماية الأديان تندرج ضمن حماية السلم المجتمعي. وأكد أن إقصاء أي مكوّن اجتماعي أمر مرفوض، لافتاً إلى أن المسيحيين شاركوا في بناء الدولة الأردنية، ويشكّلون جزءاً أصيلاً من نسيجها الوطني، معتبراً أن إثارة مثل هذه القضايا غالباً ما تتكرر قبيل الأعياد والمناسبات والانتخابات، أو في لحظات الانشغال بقضايا وطنية ضاغطة.



وحول إجراءات التوقيف، أوضح القضاة أن هناك تبايناً بين الدول في التعامل مع قضايا خطاب الكراهية، إذ تلجأ بعض الدول إلى تشديد العقوبات بوصفها ردعاً مسبقاً، إلا أنه يرى أن التوقيف بحد ذاته يُعد عقوبة مسبقة، داعياً إلى حصره في أضيق الحدود، وضمان أن تكون المحاكمة أمام القضاء المختص، انطلاقاً من مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

بدورها، شددت مديرة مركز "وعي" لحقوق الإنسان، المحامية تغريد الدغمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على ضرورة التمييز بين حرية الرأي، بوصفها حقاً مطلقاً في الاعتقاد، وحرية التعبير التي تُعد حقاً مقيّداً تحكمه القوانين والمعايير الدولية، وهو ما نصّت عليه التشريعات الأردنية. وأوضحت أن التعبير غير المسؤول قد ينزلق إلى خطاب كراهية يهدد الأمن والسلم المجتمعيين، مشيرةً إلى أن خطاب الكراهية يشمل استخدام لغة هجومية أو ازدرائية، قولاً أو فعلاً، ضد أفراد أو جماعات على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو القومية أو الميول السياسية أو الهوية.

شجرة ميلاد ضخمة في عمان، 27 ديسمبر 2017 (محمد الحاج/Getty)
قضايا وناس
ميلاد الأردن... مظاهر احتفالية ومبادرات إنسانية

وأشارت الدغمي إلى أن المادة (20) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه الأردن وأصبح جزءاً من تشريعاته الوطنية، تحظر أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكّل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف. وبيّنت أن القوانين الأردنية، ومنها قانون الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات، تجرّم أي نشر أو خطاب يمس بالأمن الوطني أو السلم المجتمعي، أو يحرّض على الكراهية أو العنف أو ازدراء الأديان، وتفرض عقوبات بالحبس والغرامة بحق المخالفين.

وتُقدَّر نسبة المسيحيين في الأردن بنحو 4% من إجمالي عدد السكان، بعد أن كانت تقارب 12% وفق إحصاء عام 1956، ويتركزون في مناطق عدة، أبرزها: مادبا وعجلون والفحيص والكرك وإربد والزرقاء والعاصمة عمّان.




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا