الرئيسية مقالات الصراع على الأردن

الصراع على الأردن

2176

 
- فهد الخيطان -
دائما ما سمعنا هذا الكلام؛ لا تتركوا الأردن وحيدا، سيسقط في حضن إسرائيل، وربما إيران. وفي السنتين الأخيرتين قيل كلام أسوأ؛ الرياض اشترت الموقف الأردني مقابل بضعة ملايين، وسيفتح الأردن حدوده لمقاتلي المعارضة السورية كي يجتاحوا العاصمة السورية. ولم ننس بعد التقارير الإعلامية التي زعمت أن القوات السعودية انتشرت على طول الحدود الأردنية مع سورية، تمهيدا لغزو دمشق وإسقاط النظام.
بحسن نية أحيانا، يفرط بعض أصدقاء الأردن ومحبيه بالقلق عليه، ويبالغون في مخاوفهم من وقوعه ضحية لهذه القوة الإقليمية أو تلك. أما أصحاب النوايا السيئة، فهم مستعدون دائما لتلبيسه دور المتآمر على الأمة.
حتى في الوقت الذي تنهار فيه دول عملاقة من حولنا، ما يزال بعضنا يقلق على مصير الأردن ومستقبله أكثر من قلقه على مصير سورية المحطمة، أو العراق العالق في حرب على كل الجبهات.
والمتبرعون بتقديم النصائح والتحذيرات للأردن هم إما من دول متورطة في تأزيم المنطقة، أو من أصدقاء أنظمة غارقة حتى أذنيها في المشاكل والمصائب.
لم يتعرض الأردن للضغوط؛ ترغيبا وتهديدا، كما تعرض في السنوات القليلة الماضية، وعلى كل الجبهات. إسرائيل، ودول خليجية، وأميركا، والنظام السوري وإيران، جميعهم مارسوا شتى صنوف المناورة لدفع الأردن إلى تبني أجندة معينة تخدم مصالحهم.
لكن الأردن ظل ملتزما بقواعد اللعب وفق ما تملي عليه مصالحه الوطنية. أحيانا، كان يمسك العصا من النصف، وفي بعض الحالات مال قليلا كي تمر العاصفة، ثم عاد إلى حيث كان. حافظ على علاقات استراتيجية مع واشنطن، رغم تباين المواقف من عديد القضايا. وفي الوقت نفسه نسج أفضل العلاقات مع موسكو، حتى في المجال العسكري.
لم يقطع مع إسرائيل؛ "من ليس له علاقات مع إسرائيل في المنطقة؟". لكنه كان قادرا على قول "لا" كبيرة للحلول المفروضة على حساب حق الشعب الفلسطيني والمصالح الوطنية العليا للأردن.
أن يزور وزير الخارجية ناصر جودة طهران، لا يعني أن الأردن على وشك الطلاق مع الخليج، والوقوع في حب إيران. من قال إن عمان خفيفة وساذجة إلى حد التحالف مع إيران على حساب جيرانها العرب؟ ألا يمكن أن تقوم علاقات طبيعية مع طهران وعواصم الخليج في الوقت نفسه؟
وإذا صح أن واشنطن في طريقها للمصالحة مع النظام السوري، فعلى من تقع مسؤولية ترميم علاقات الجوار؛ على الأردن أم سورية؟
في المقابل، لماذا يطلب من الأردن دون غيره تولي مسؤولية إسقاط النظام السوري؟
مصر السيسي تؤيد تقريبا النظام السوري، لكنها في الوقت ذاته تتلقى المليارات من الدول الخليجية. فلماذا لا يعامل الأردن بالمثل؟
الحقيقة خلف كل هذ الجدل المثار بسيطة، وإن لم نرها هنا بوضوح كامل، وهي أن المنطقة تعيش، ومنذ سنوات، حالة استقطاب حاد، لم يترك فيها اللاعبون الإقليميون والدوليون دولة أو طائفة أو حزبا، أو حتى وسيلة إعلام، إلا ووظفوها في حروب استنفدت طاقة المتحاربين من اليمن إلى ليبيا إلى مصر، فسورية، ثم العراق. بقاء الأردن مستقرا وخارج لعبة الموت الجارية، يجعل منه هدفا لكل الأطراف. ثمة من يبحث بالفعل عن ساحة جديدة لتفريغ فائض الصراعات فيها، عسى أن يفوز في نهاية المطاف.
حال هؤلاء مثل حال لاعب القمار؛ لا يعترف بالخسارة، ويظل يبحث عن مصادر جديدة للمال ليبقى جالسا على الطاولة. الأردن لن يكون ورقة في يد المقامرين في المنطقة. اطمئنوا؛ قالها السياسي العتيق ورجل الدولة مضر بدران لـ"الغد"، بعد خبرة السنين الطويلة مع الأزمات.
 




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا