الرئيسية مقالات عاقبنا المسؤولين ولم نقبض على المطلوبين

عاقبنا المسؤولين ولم نقبض على المطلوبين

2179

129209_10_1432966688البلقاء اليوم ---
بسبب التقصير في معالجة ملف المطلوبين الثلاثة في معان، أقيل المسؤولون الثلاثة؛ وزير الداخلية، ومدير الأمن العام، ومدير قوات الدرك.
بعد أخذ ورد لأيام، وقع الاختيار على رجل الداخلية القوي سلامة حماد، لمنصب الوزير. وقبل نهاية الأسبوع الماضي، عين مدير جديد للأمن العام من بين أبناء الجهاز، وضابط رفيع من القوات المسلحة لقيادة قوات الدرك.
لكن ماذا حصل في معان بعد عاصفة التغييرات هذه؟ الجواب باختصار؛ عاقبنا المسؤولين، ولم نقبض على المطلوبين!
ليس هذا فقط؛ فالطريقة التي يدار بها الملف حاليا، تؤسس لنهج غير مسبوق في التطبيق المشروط للقانون.
لقد عوقبت القيادات الأمنية على تقصيرها، ولم تمنح فرصة لمعالجة الأخطاء. لا بأس في ذلك. لكننا، في المقابل، منحنا المطلوبين ومن يدافع عنهم فرصة اختيار الوقت لتسليم أنفسهم. وقد أعطت الدولة مهلة بالفعل، انتهت يوم الإثنين الماضي، غير أنهم ما يزالون يماطلون. لا بل إن ذويهم يفرضون شروطا على القضاء قبل تسليمهم؛ تكفيلهم بعد تسليمهم، ومعالجة المصابين، وإعادة المفصولين من أبنائهم إلى وظائفهم، وغيرها من الشروط المسبقة.
وفي تصريحات لـ"الغد" في عددها يوم أمس، ينقل الناطق باسم لجنة المتابعة في مدينة معان عن أهالي المطلوبين، مطالبتهم "بمبادرات حقيقية، وليست مبنية على الوعود والمماطلة والتسويف".
هكذا، إذن، انقلبت المعادلة؛ ثلاثة من أخطر المطلوبين الفارين، كان عليهم أن يسلموا أنفسهم للقضاء منذ فترة طويلة، يتهمون الجهات الرسمية بالمماطلة وعدم الرضوخ لشروطهم!
ورغم هذا التحدي لسلطة القانون، يؤكد مصدر أمني في المحافظة للصحيفة أن "مسارات تقديم المبادرات والتفاوض العشائري مع ذوي المطلوبين لتسليم أبنائهم طواعية ما تزال مفتوحة، ولم يقفل باب الحوار".
ليس من الحكمة أبدا ربط ملف المطلوبين للقضاء، بحزمة المطالب الاقتصادية والخدمية والأمنية لأهل معان. كان ينبغي فصل الملفين منذ البداية. المطالب مهما كانت حق أصيل لأبناء معان، يجب النظر فيها، وتحقيق ما يمكن تحقيقه فورا. وتسليم المطلوبين الثلاثة واجب على الجميع حسب القانون، ولا يجوز المساومة عليه.
أعطوني منطقة واحدة في الأردن جرى فيها معاملة المطلوبين بهذا الأسلوب التفضيلي؟ من حق أي أردني أن يسأل: لماذا يمنح مطلوب في معان معاملة تفضيلية، بينما لا ينال مثلها مطلوب في جرش أو عمان؟
إن ما يحصل هناك في معان يطرح أسئلة خطيرة، قد لا يكون لأهل معان مسؤولية فيها. الأسئلة تخص المنظومة الرسمية والأمنية، والقضائية، ومدى قدرتها على فرض سلطة القانون؛ وهذا الاستعداد المريب للتنازل عن سلطتها لصالح قوى اجتماعية، ليست معنية بالأمر من أساسه.
لقد ضحت الدولة بثلاثة مسؤولين كبار من أجل فرض هيبة القانون. وتحمّل هؤلاء الثلاثة ما قيل بحقهم من كلام. لكن، وعوضا عن استثمار هذه الخطوة لمنح سلطة القانون حافزا قويا، عدنا من جديد إلى المقاربة القديمة، وجوهرها المساومة على هذه السلطة وسيادتها على الجميع.
منذ اللحظة التي قبلت فيها الحكومة تشكيل لجنة متابعة عشائرية "لمتابعة ملف المطلوبين"، ومنح الفارين من وجه العدالة مهلة لتسليم أنفسهم، أصبح السؤال مطروحا على كل لسان: لماذا إذن أقيل المسؤولون الثلاثة؟
فهد الخيطان
 




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا