الرئيسية مقالات مصطفى الواكد! !!! بقلم الدكتور ايوب ابو دية

مصطفى الواكد! !!! بقلم الدكتور ايوب ابو دية

2962

201481294213818 د. أيّوب أبو ديّة
رحلت يا أبا المهيب، وفي غمضة عين، ولكن ما زال صوتك يدوي في قاعة المدينة الرياضية منذ الجلسة الأولى لمؤتمر حزب الإصلاح حينما قمت بإدارة حوار الطاقة وأفسحت المجال لنقاش معمق حول أزمة الطاقة في الأردن وحلولها المناسبة.

رحلت، وما زال صوتك يدوي أيضا في قاعة بلدية الأزرق ولم يخبو منذ مطلع هذا العام عندما تحدثت عن مخاطر التلوث الإشعاعي المحتمل من المشروع النووي المقترح في الموقر بالقرب من قصير عمره والواقع على حوض الأزرق المائي وعن مخاطر ضخ المياه الجائر من الحوض المائي وأثره على البيئة في المنطقة وانحسار منسوب المياه وما يصاحب ذلك من جفاف سوف يؤدي إلى انخفاض في أعداد التنوع الحيوي في الطبيعة كما سوف يؤدي إلى تدني في مساحة الرقعة الخضراء وزيادة التصحر وبالتالي لن يكون ممكنا الحد من الهجرة السكانية إلى المدينة وما يترتب على ذلك من قضايا اشكالية ومصاعب معيشية على الجميع. وما زلت أسمع صوتك هداراً في منتدى سحاب الثقافي وأنت تتحدث عن مشاريع الطاقة المتجددة التي ينبغي ايلاؤها العناية الكافية لأنها نظيفة ومستدامة ولا تكلف الدولة الشيء الكثير. ولا زلت أرى هامتك العالية إلى جانبي أمام مجلس النواب احتجاجاً على مقتل القاضي زعيتر. وما زال قلمك يخط الأفكار في الصحف والمواقع الالكترونية بشأن هموم الناس ومشاكلهم ومستقبل ابنائهم! يا أبا المهيب، صدقني أنني أعلم بما أصابك في هذا الزمن الأليم، إذ كنا نتطلع إلى وحدة تضم أقصى الشرق العربي مع أقصى غربه، فإلى ماذا آلت إليه الأحوال يا صاحبي؟ ألم تغدو الحال عليه سوى إلى تشرذم هنا وتفتت هناك، بل إلى الانتقال من قطعة صغيرة هنا إلى جزء آخر أصغر منه هناك؟ حلمنا بوحدة الأمة، ولكنها غدت على عكس ما طمحنا اليه فتمزقت إلى مجموعات مذهبية وطائفية وعرقية؛ ضاق حلمنا بوحدة عارمة تجمع العرب جميعاً والناطقين بالعربية جميعاً، حتى أولئك من غير العرب على رأي ساطع الحصري، ولكن الحلم الجميل أخذته رياح السوافي وحلت في مكانه أحلام اليقظة التي تعبر عن المآسي الكبرى التي حلت بالعراق وسوريا وليبيا وغيرها من بلاد العرب. أعلم بما أصابك من ضغط وتوتر وحرقة ولوعة فيما كنت تراقب الأحداث الأخيرة في العراق وسوريا وليبيا وبخاصة الحرب على غزة والألم يعتصر جوانحك ... وكأن حال الضفة الغربية منها أفضل؟ هل يعقل أن تنتهي معاناة أكثر من ستين حولاً فلسطينياً بإحكام أبواب السجن على شعب بأكمله ورفع الأسوار المحيطة بهم أمتار عديدة لتصبح حدودا دائمة؟ لن تذهب معاناتك عبثا يا صديقي، فصحيح أن الأوضاع متردية في هذه الأيام، وصحيح أن الأحوال باتت في أظلم ظلمات أحوالها، ولكن حبك لهذا البلد الأبي سوف يبقى في قلوبنا وعقولنا ... وحبك للأهل في فلسطين لن يفارقنا، وطموحك في وحدة العرب لابد له أن يحقق ... فإذا استطاعت الولايات المتحدة أن تتوحد على تنوع شعوبها وتعدد لغاتهم ودياناتهم وانتماءاتهم، ألا يحق لشعوبنا التي عاشت التاريخ نفسه منذ آلاف السنين وحملت الهموم والطموحات ذاتها عبر تاريخ الحضارات المتعددة أن تنتظم معاً في مجموعة إنسانية قوية متماسكة لتكمل مشروعها الحضاري الذي انطلق في جزيرة العرب. سلام عليك والى لقاء.

--------------------- د. أيّوب أبو ديّة
 




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا