البلقاء اليوم - #البلقاء #السلط المركز العربي للمناخ – حصري – المهندس احمد العربيد
يشهد مناخ الأرض خلال السنوات الأخيرة تقلبات حادة وتغيرات متسارعة، أثّرت بشكل مباشر وسلبي على مختلف جوانب الحياة البشرية. وتعود هذه التغيرات في جوهرها إلى عاملين رئيسيين:
الأول يتمثل في التأثيرات المناخية الناتجة عن النشاطات البشرية، وعلى رأسها حرق الوقود الأحفوري والانبعاثات الصناعية التي لا تراعي الاعتبارات البيئية،
أما العامل الثاني فيرتبط بالتقلبات المناخية الطبيعية، مثل الثورانات البركانية، والنشاط الشمسي، والظواهر الجوية الكبرى المعروفة.
وقد أدى تداخل هذين العاملين إلى جعل مناخ الأرض أكثر اضطراباً وصعوبة في التنبؤ، الأمر الذي أسفر عن زيادة ملحوظة في وتيرة الكوارث الطبيعية حول العالم، مخلفاً خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. ولم يعد يمر عام دون أن نشهد أحداثاً مناخية استثنائية أو ظواهر جوية متطرفة، تترك وراءها آثاراً مدمّرة يصعب تجاوزها بسهولة.
وفي المركز العربي للمناخ، نتابع منذ سنوات سلوك الشمس ونرصد تغيرات النشاط الشمسي، ونصدر تقارير دورية تشرح هذه التغيرات وانعكاساتها المحتملة على المناخ. واستمراراً لهذا النهج العلمي، ونظراً لما رصدناه من تغيرات ملحوظة في النشاط الشمسي خلال شهر أيار/مايو الماضي، فقد أصبح من الضروري إعداد هذا التقرير نظراً لأهمية الحدث وتأثيره المحتمل على أنماط الطقس الإقليمي والعالمي.
شهد النشاط الشمسي خلال العقدين الأخيرين تراجعًا لافتًا، إذ أظهرت الدورة الشمسية الرابعة والعشرون والتي امتدت خلال السنوات (2008–2019) مستويات غير مسبوقة من الضعف منذ أكثر من قرن، فيما تواصل الدورة الخامسة والعشرون (2020–حتى الآن) نمطًا مشابهًا. تُظهر المقارنات الإحصائية مع الدورات السابقة أن النشاط الشمسي الحالي أدنى بكثير من المتوسط التاريخي، مما يثير التساؤلات حول احتمال دخولنا في حقبة باردة او عصر جليدي مصغر شبيه بعصر “ماوندر” او فترة “دالتون”. هذا التقرير يستعرض البيانات الرصدية الحديثة من مراصد SILSO وNOAA، ويحلل آثار هذا التراجع على المناخ والبيئة والفضاء القريب من الأرض.
ما هي فترة دالتون او عصر دالتون؟
فترة دالتون (Dalton Minimum) هي فترة من التغيرات المناخية الباردة نسبيًا حدثت بين عام 1790 تقريبًا و1830، وتُعد واحدة من الفترات الباردة التي شهدها العصر الحديث، لكنها أقل قسوة من “العصر الجليدي الصغير” أو”الحد الأدنى لماوندر” (Maunder Minimum).
تمثلت هذه الفترة بانخفاض ملحوظ في عدد البقع الشمسية، وهو مؤشر على تراجع النشاط الشمسي، مما أدى إلى انخفاض في الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض.
انخفضت درجات الحرارة العالمية بمقدار يتراوح بين 0.5 إلى 1 درجة مئوية، ما أدى إلى فصول شتاء أكثر قسوة وصيف أقصر وأبرد في مناطق كثيرة من العالم.
خلال فترة دالتون، وقع ثوران بركان جبل تامبورا في إندونيسيا عام 1815، وهو أحد أقوى الثورات البركانية المسجلة، وأدى إلى “سنة بلا صيف” عام 1816، حيث شهدت أوروبا وأمريكا الشمالية انخفاضًا كبيرًا في درجات الحرارة وأضرارًا واسعة في الزراعة.
تُعد البقع الشمسية مؤشرًا أساسيًا على النشاط المغناطيسي في الشمس، وتُستخدم كمقياس لدوراتها التي تستغرق حوالي 11 سنة. يرتبط هذا النشاط بالعديد من الظواهر، كالعواصف الشمسية والانبعاثات الإكليلية، كما يؤثر على مناخ الأرض وظروف الفضاء المحيط بها. وقد شهدت الدورة 24 ( الدورة الشمسية الماضية ) ضعفًا شديدًا، والدورة 25 ( الحالية ) وبالرغم ارتفاعها النسبي إلا أنها لا تزال دون المعدلات بشكل ملحوظ مقارنة بسابقاتها ويأتي ذلك في الوقت الذي من المفترض فيه ان تكون الدورة الشمسية 25 في ذروتها اي ان تكون الشمس في اكثر الفترات نشاطاً.
انخفاض حاد للنشاط الشمسي رصد خلال شهر 5 ايار مايو 2025 الماضي مما أثار اهتمام العلماء والمراقبين حول العالم :
رغم التوقعات ببلوغ ذروة الدورة الشمسية الخامسة والعشرين خلال هذا العام، سجل عدد البقع الشمسية في مايو 2025 انخفاضًا حادًا، حيث بلغ 79.2، وهو أدنى مستوى منذ أغسطس 2022 . هذا التراجع المفاجئ يتناقض مع التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى ذروة النشاط الشمسي في يوليو 2025، مع توقعات بوصول عدد البقع الشمسية إلى حوالي 115 وهو ما يقل اصلاً عن المعدل لمثل الفترة من الدورات الماضية والتي كانت تسجل من 150-200 بقعة شمسية.
وبناء على مقارنات مع الدورات الشمسية السابقة نلاحظ انخفاض عدد البقع الشمسية في مايو 2025 أقل بنسبة تقارب:
72% مقارنة بالدورة 21.
63% مقارنة بالدورة 22.
56% مقارنة بالدورة 23.
32% مقارنة بالدورة 24 (التي كانت أصلًا أضعف من المعدل).
انخفاض النشاط الشمسي قد يؤدي إلى تبريد طفيف في مناخ الأرض، خاصة في نصف الكرة الشمالي. ومع تلاشي تأثيرات ثوران بركان هونغا تونغا، الذي أطلق كميات كبيرة من بخار الماء إلى الغلاف الجوي في عام 2022 مما ادى الى رفع حرارة الأرض مؤقتا، قد تصبح تأثيرات انخفاض النشاط الشمسي أكثر وضوحًا خلال الشتاء المقبل.
مفاجأة من الأعماق: بركان هونغا تونغا
في عام 2022، انفجر بركان تحت البحر في جنوب المحيط الهادئ اسمه “هونغا تونغا”، وأطلق كميات هائلة من بخار الماء إلى طبقة الستراتوسفير.
حوالي 146 مليون طن من البخار ارتفعت حتى ارتفاع 30 كم في الغلاف الجوي!
هذا البخار زاد من حرارة الطبقات العليا من الجو كونه من الغازات الدفيئة، وغطى مؤقتًا على التبريد الذي تسبب به ضعف النشاط الشمسي.
العلماء يتوقعون أن ينتهي تأثير هذا الانفجار تدريجيًا بدءًا من منتصف 2025.
يعني ذلك أن تأثير ضعف النشاط الشمسي على الأرض “التبريد العالمي” سيعود وسيظهر بشكل أوضح خلال فصل الشتاء المقبل 2025–2026 وقد يتصاعد التبريد بشكل تدريجي خلال السنوات المقبلة في حال عدم ظهور مفاجئات توقف هذا التبريد مؤقتاً مثل حدث بركان هونغا تونغا قبل ثلاثة اعوام.
من المرجح أن نكون أمام مرحلة تبريد عالمي ، قد تمتد لعقد أو أكثر، إذا استمر ضعف النشاط الشمسي بهذا الشكل ،لكنها لن تكون “نهاية العالم”، بل مرحلة تحتاج إلى تكيّف ذكي واستعداد علمي، خصوصًا في الزراعة والطاقة وإدارة الكوارث.
والله اعلى واعلم
لا مانع من النقل والتداول شريطة ذكر المصدر ” المركز العربي للمناخ “
الرئيسية
أخبار متنوعة
تسجيل انخفاض حاد في النشاط الشمسي | الأرض تبرد سريعاً وتقلبات مناخية حادة سيشهدها العالم قريباً
-
العقيد القاضي عناد محمد علي عصفور .. الف .. الف .. مبروووووك
تهنئة من الاعماق اسرة البلقاء اليوم وكافة... -
-
الكنائس في الأردن تؤكد: شركاء في الوطن وداعمون للحوار المجتمعي والتآخي
#hgfgrhx #hgd,l #hgsg' مندوبًا عن سيادة... -
-
طقس ربيعي معتدل وتحذيرات من الغبار والضباب خلال الأيام المقبلة
#البلقاء #اليوم #السلط تفيد إدارة الأرصاد... -
-
رئيس بلدية إربد الكوفحي يتعرض لاعتداء بـ"سكـ.ـين وعصا " أثناء جولة تفقدية
#البلقاء #اليوم #السلط أكدت #بلدية #إربد الكبرى... -
الأستاذ عيسى صندوقة .. رجل بحجم وادي السير يحمل همّ الناس وينطلق من نبضهم
#البلقاء #اليوم #السلط #كتب: الصحفي ليث...
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع