الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
الرئيسية أخبار متنوعة سيرحل ويبقى أثره .. كيف سيبدو العالم بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا؟

سيرحل ويبقى أثره .. كيف سيبدو العالم بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا؟

940

البلقاء اليوم - البلقاء اليوم --السلط

هذه الأزمة ستغير العالم للأبد. لذلك سألنا 12 من كبار المفكرين عن تنبؤاتهم لِما سيكون عليه العالم بعد انتهاء هذه الأزمة، وهم:
جون ألين، نيكولاس بورنس، لوري جاريت، ريتشارد ناثان هاس، جون إيكنبيري، كيشور مهبوباني، شيفشانكار مينون، روبن نيبليت، جوزيف ناي، شانون كي. أونيل، كوري شاكي، ستيفن والت.


مثلما أدي هذا المرض إلى إحداث خلل بالحياة، وتعطيل الأسواق، وكشفه لكفاءة الحكومات أو انعدامها من الأصل، فإننه سيؤدي أيضًا إلى تحولات دائمة في القوة السياسية والاقتصادية بطرق لن تكون واضحة إلا لاحقًا.
ومن أجل المساعدة على فهم طبيعة التحول الذي يحدث وسيحدث على الأرض مع ظهور هذه الأمة، سألت فورين بوليسي 12 مفكرًا بارزًا من جميع انحاء العالم لاستطلاع آرائهم عن ما ستصبح عليه حالة النظام العالمي بعد رحيل الوباء.


سيكون العالم أقل انفتاحًا وازدهارًا وحرية
البروفيسور ستيفن والت: أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد، وأحد أهم مفكري المدرسة الواقعية.
من الواضح أن هذا الوباء سيقوي شوكة الدولة ويعزز القومية. كما أن الحكومات بجميع أنواعها ستتبنى إجراءات طارئة لإدراة الأزمة، وعند انتهاء الأزمة، سيعزف الكثيرون عن التخلي عن هذه السلطات الجديدة.
سوف يسرّع هذا الوباء أيضًا من تحول القوة والنفوذ من الغرب إلى الشرق، ولقد كان ذلك واضحًا عندما رأينا أن كوريا الجنوبية وسنغافورة تستجيبان بشكل أفضل، وكان رد فعل الصين جيدًأ بعد الأخطاء المبكرة التي ارتكبتها. أما في أوروبا وأمريكا فقد كانت الاستجابة بطيئة وعشوائية بالمقارنة بدول الشرق، الأمر الذي زاد من تشويه هالة “العلامة التجارية” للغرب.
لكن ما لن يتغير هو الطبيعة المتضاربة بشكل أساسي للسياسة العالمية. فالأوبئة السابقة – بما في ذلك الإنفلونزا التي انتشرت بين عامي 1918 -1919 لم تنه التنافس بين القوى العظمى ولم تبشر بعصر جديد من التعاون العالمي. ولن يفعل ذلك فيروس كورونا. ما يحدث أننا سوف نشهد تراجعًا إضافيًا عن العولمة المفرطة، إذ سيتطلع المواطنون إلى الحكومات الوطنية لحمايتهم، في حين ستسعى الدول والشركات للحد من نقاط الضعف في المستقبل.
باختصار، سينتج عن فيروس كورونا عالمًا أقل انفتاحًا وأقل ازدهارًا وحرية. لم نكن مضطرين لإتباع هذا الطريق، لكن الجمع بين فيروس قاتل وتخطيط غير ملائم وقيادة غير كفؤة وضع البشرية على مسار جديد ومثير للقلق.


نهاية العولمة كما نعرفها
البروفيسور روبن نيبليت: أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد، المدير السباق لمعهد الدراسات الملكي للشؤون الدولية Chatham House في لندن.
قد تكون الجائحة التي تسبب بها فيروس كورونا هي القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للعولمة الاقتصادية. وقد أثارت القوة الاقتصادية والعسكرية المتنامية للصين عزم الحزبين على فصل الصين عن التكنولوجيا العالية والملكية الفكرية الأمريكية ومحاولة إجبار الحلفاء على أن تحذو حذوها. إن الضغط العام والسياسة المتزايد لتحقيق أهداف خفض انبعاثات الكربون كان قد أثار بالفعل تساؤلات حول اعتماد العديد من الشركات سلاسل الإمدادات لمسافات طويلة. والآن، يجبر هذا الفيروس الحكومات والشركات والمجتمعات على تعزيز قدرتها على التعامل مع فترات طويلة من العزلة الذاتية الاقتصادية.
في هذا السياق، يبدو من غير المحتمل إلى حد كبير أن يعود العالم إلى فكرة العولمة المفيدة للطرفين التي تم تحديدها في أوائل القرن الحادي والعشرين. ومن دون وجود حافز لحماية المكاسب المشتركة من التكامل الاقتصادي العالمي، فإن بنية الحوكمة الاقتصادية العالمية التي أُنشئت في القرن العشرين ستتدهور بسرعة. عندئذ سيتطلب الأمر انضباطًا قويًا للقادة السياسيين للحفاظ على التعاون الدولة وعد التراجع إلى المنافسة الجيوسياسية العلنية.
عندما تثبت الحكومات لمواطنيها أنها قادرة على إدارة أزمة الفيروس، فإن هذا سيشتري بعض رأي المال السياسي للقادة. لكن من يفشل من هذه الحكومات سيجد صعوبة في مقاومة إغراء إلقاء اللوم على الآخرين لفشلهم.


المزيد من العولمة المركزية الصينية
البروفيسور كيشور مهبوباني: أستاذ العلاقات الدولية بكلية لي كوان يو للسياسة العامة، جامعة سنغافورة، وشغل عدة مناصب رسمية منها وزير خارجية سنغافورة وممثل سنغافورة بالأمم المتحدة.
لن تغير الجائحة الاتجاهات الاقتصادية العالمية بشكل أساسي. لكنها ستسرع من التغيير الذي بدأ بالفعل. وهذا التغيير يتمثل في العولمة التي تتمحورحول الولايات المتحدة إلى العولمة التي تتمحور حول الصين.
ما الداعي لاستمرار هذا الاتجاه؟ بيد أن الشعب الأمريكي فقد ثقته في العولمة والتجارة الدولية. اتفاقيات التجارة الحرة السامة، مع أو بدون وجود الرئيس الأمريكي ترامب. وفي المقابل، لم تفقد الصين إيمانها؟ لم لا؟ لأن هناك أسباب تاريخية أعمق. إذ يعرف القادة الصينيون جيدًا الآن أن قرن الإذلال الذي عاشته الصين منذ عام 1842 إلى عام 1949 كان نتيجة تهاونها وجهودها غير المجدية التي قام بها قادتها لفصلها عن العالم. لكن على النقيض من ذلك، كانت العقود القليلة الماضية من الإنتعاش الاقتصادي نتيجة انفتاح الصين على العالم. كما شهد الشعب الصيني انفجار ما يسمى بالثقة الثقافية. لقد آمنوا بأنهم قادرون على المنافسة في كل مكان في العالم.
ونتيجة لذلك، كما اوثق في كتابي الجديد “هل ربحت الصين؟”. فإن الولايات المتحدة أمامها خيارين. إذا كان هدفها الأساسي هو الحفاظ على التفوق العالمي، سيتعين عليها الانخراط في منافسة جيوسياسية على المستوى السياسي والاقتصادي لا عائد منها مع الصين. ومع ذلك، إذا كان هدف الولايات المتحدة هو تحسين رفاهية الشعب الأمريكي – الذي تدهورت حالته الاجتماعية – فعليها ان تعاون من الصين. سيقترح أحد المستشارين الأكثر حكمة ان يكون التعاون هو الخيار الأفضل. ومذ ذلك، نظرًا للبيئة السياسية الأمريكية السامة تجاه الصين، قد لا يسود هذا الخيار.


الدول الديمقراطية ستخرج من قوقعتها
البروفيسور جون إيكنبيري: أستاذ العلاقات الدولية بكلية وودر ويلسون، جامعة بريسنتون بالولايات المتحدة، مؤلف كتاب إعادة بناء النظام الدولي بعد الحروب الكبرى.
على المدى القصير، ستوفر هذه الأزمة الوقود لجميع المعسكرات المختلفة في النقاش الغربي حول الاستراتيجية الكبرى للمواجهة. سيرى القوميون والمناهضون للعولمة، والصقور الصينية، وحتى الأمميون الليبراليون ادلة جديدة تثبت وجهة نظرهم. وبالنظر إلى الضرر الاقتصادي والانهيار الاجتماعين سيكون من الصعب رؤية أي شيء آخر سوى تعزيز هذه الاستراتيجية صوب القومية، وتنافس القوى العظمى، والفصل الاستراتيجي وما شابه ذلك.
لكن كما كان الحال في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، قد يكون هناك تيار معاكس أكثر بطأً، تتبدى في نوع من الأممية المتشددة المشابهة لتلك التي بدأها فرانكلين روزفلت وعدد قليل من رجال الدولة الآخرين قبل وأثناء الحرب الأمريكية. أظهر انهيار الاقتصاد العالمي في ثلاثينيات القرن العشرين مدى ارتباط المجتمعات الحديثة ومدى ضعفها تجاه ما أطلق عليه روزفلت بالأزمة. كانت الولايات المتحدة في ذلك الوقت أقل تهديدًا من القوى العظمى الأخرى والقوى الأكثر عمقًا من الحداثة مثل شخصيتي دكتور جيكل ومستر هايد. ما استحضره روزفلت وغيره من الأمميين الدوليين كان نظام ما بعد الحرب الذي من ِانه ان يعيد بناء نظام مفتوح بأشكال جديدة من الحماية والقدرات لإدارة الاعتماد المتبادل. ببساطة، لم يعد بوسع الولايات المتحدة أن تختبأ داخل حدودها، ولكن يمكن العمل في ظل نظام مفتوح بعد الحرب بما يتطلب بناء بنية تحتية عالمية للتعاون متعدد الأطراف.
لذا، قد تسلك الولايات المتحدة والديمقرطيات الغربية الأخرى عبر نفس سلسلة ردود الفعل مدفوعة بإحساس متزايد بالضعف. قد تكون الاستجابة أكثر وطنية في البداية، ولكن على المدى الطويل، ستقذف الديمقراطيات قذائفها للعثور على نوع جديد من الأممية البراجماتية والحمائية.


أرباح أقل، ومزيد من الاستقرار
شانون كي. أونيل: مديرة برنامج أمريكا اللاتينية بمجلس العلاقات الخارجية CFR
سيقوض فيروس كورونا المبادئ الأساسية للتصنيع العالمي. ما ستفعله الشركات الآن هو انها ستعيد التفكير في وتقليص سلاسل التوريد متعددة الخطوات التي تهيمن على الإنتاج اليوم.
لقد تعرضت سلاسل التوريد العالمية بالفعل لعدة انتقادات، منها اقتصادية بسبب ارتفاع تكاليف العمالة الصينية، والحرب التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتقدم في مجال الروبوتات، والأتمتة، والطباعة ثلاثية الأبعاد. وكذلك سياسية، بسبب فقدان الوظائف الحقيقي والمتصور، خاصة في الاقتصادات الناضحة. لقد كسر فيروس كورونا الآن العديد من هذه الروابط: ذلك أن المصانع التي أُغلقت في المناطق المنكوبة قد تركت مصنعين آخرين – بالإضافة إلى المستشفيات والصيدليات والأسواق ومتاجر بيع التجزئة – محرومين من المخزون والمنتجات.
على الجانب الآخر، وفي ظل الوباء، فإن الشركات ستطلب معرفة المزيد عن مصادر إمداداتها وستقايض الكفاءة بالتسريح. كما أن الحكومات ستتدخل أيضًا، مجبرة ما تعتبره الصناعات الاستراتيجية على أن يكون لديها خطط للاحتياطات المحلية ومساعدات. صحيح أن الربح سينخفض، لكن استقرار العرض يجب أن يرتفع.


هذا الوباء يمكن أن يؤدي إلى نتائج مفيدة
شيفشانكارمينون: شغل مناصب وزير خارجية الهند السابق، وسفير الهند لدى الصين وباكستان وإسرائيل، ومستشار الأمن القومي، والمفوض السامي للهند لدى باكستان وسريلانكا
نحن في أول أيام الوباء بعد، لكن يبدو أن هناك ثلاثة أشياء واضحة. أولاًن أن هذه الجائحة ستغير سياساتنا، سواء داخل الدول أو فيما بينها. سيكون هذا في صالح الحكومات – حتى الليبراليين – التي تحولت مجتمعاتها. إن النجاح النسبي للحكومة في التغلب على الوباء وآثاره الاقتصادية سيؤدي إلى تفاقم أو تقليص القضايا الامنية والاستقطاب داخل المجتمعات. على أي حال، ستعود الحكومة لسابق قوتها. كما أن التجربة تظهر حتى الآن أن السلطويين أو الشعبويين ليسا أفضل حالاً في التعامل مع هذا الوباء. والواقع أن الدول التي استجابت في وقت مبكر، وبنجاح، مثل كوريا وتايوان، كانت ديمقراطية، ولم تكن دول يديرها قادة شعبويين او استبداديون.
ثانيًان إن هذا الوباء ليس دليلاً على نهاية العالم المتداخل. إن الوباء نفسه دليل على تكافلنا. لكن هناك تحول إلى الداخل بالفعل في جميع الأنظمة السياسية، ثمة بحث عن الاستقلالية والتحكم في المصير. نحن نتجه صوب عالم أكثر فقرًا وحقارة وأصغر.
في النهاية، هناك بارقة أمل ومنطق سليم. لقد أخذت الهند زمام المبادرة لعقد مؤتمر عبر الفيديو لجميع قادة جتوب آسيا لصيافة استجبة إقليمية مشتركة للتهديد. إذا نجح الوباء في إدراك فائدة مصلحتنا الحقيقية في التعاون المتعدد الأطراف بشأن القضايا العالمية الكبرى التي تواجهنا، فسيكون قد حقق غرضًا مفيدًا.


القوة الأمريكية ستحتاج إلى استراتيجية جديدة
البروفيسور جوزيف ناي: الأستاذ بكلية جون كينيدي بجامعة هارفارد، صاحب نظرية القوة الناعمة، شغل منصب مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الأمنية والدولية في عهد كلينتون
في عام 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استراتيجية جديدة للأمن القومي تركز على منافسة القوى العظمى. لكن مع وجود فيروس كورونا ، اتضح أن هذه الاستراتيجية غير كافية. حتى لو سادت الولايات المتحدة كقوة عظمى، فإنها لن تكون قادرة على حماية أمنها من خلال التصرف بمفردها. كما لخص ريتشارد دانزيغ المسألة في عام 2018: “إن تقنيات القرن الحادي والعشرين عالمية ليس فقط في توزيعها، ولكن أيضًا في نتائجها. يمكن أن تصبح مسببات الأمراض وأنظمة الذكاء الاصطناعي وفيروسات الحاسب والإشعاع التي قد يطلقها الآخرون بطريق الخطأ مشكلة لنا بقدر ما ستكون مشكلة لهم. يجب متابعة أنظمة إعداد التقارير المتفق عليها، والضوابط المشتركة، وخطط الطوارئ المشتركة، والمعايير، والمعاهدات كوسية لإدارة المخاطر المتعددة لدينا”.
أما فيما يتعلق بالتهديدات العابرة للحدود مثل كورونا وتغير المناخ، لا يكفي التفكير في القوة الأمريكية وتفوقها على الدول الأخرى. إن مفتاح النجاح يكمن في معرفة أهمية حيازة القوة مع الآخرين. كل بلد يضع مصلحته الوطنية أولاً؛ السؤال المهم هو كيف يتم تحديد هذه المصلحة على نطاق واسع أو ضيق، وما يظهره كورونا أننا فشلنا في تعديل استراتيجيتنا مع هذا العالم الجديد.


المنتصرون سيكتبون تاريخ فيروس كورونا
جون ألين: المدير الحالي لمركز بروكينغز، جنرال متقاعد من مشاة البحرية الأمريكية، شغل منصب قائد القوة الأمنية الدولية التابعة لحلف الناتو والقوات الأمريكية في أفغانستان.
كما هو الحال دائمًا، سوف يكتب المنتصرون الأزمة التي خلفها فيروس كورونا. تعاني كل دولة، وبشكل متزايد كل فرد من الإجهاد المجتمعي لهذا المرض بطرق جديدة وقوية. ستدعي هذه الدول المثابرة حتمًا – سواء من خلال نظمها السياسية والاقتصادية الفريدة، أو من منظورالصحة العامة – النجاح في العددي من الحالات المختلفة والأكثر تدميرًا للمرض. وبالنسبة للبعض، سيظهر ذلك على أنه انتصار كبير ونهائي للديمقراطية والتعددية والرعاية الصحية الشاملة. وبالنسبة للبعض الآخر، سيوضح “الفوائد” للحكم الاستبدادي الحاسم.
في كلتا الحالتين، ستعدّل هذه الأزمة هيكل القوة الدولية بطرق لا يمكن أن نتخيلها. سوف يتسبب استمرار وجود الفيروس في انخفاض النشاط الاقتصادي وزيادة التوتر بين البلاد. وعلى المدى الطويل، من المرجح أن يقلل الوباء بشكل كبير من القوة الإنتاجية للاقتصاد العالمي، خاصة إذا أُغلقت الشركات وانفصل الأفراد عن القوى العاملة. إن هذا التفكك يمثل خطرًا كبيرًا على الدول النامية بشكل خاص، وغيرها من الدول التي لديها نسبة كبيرة من العمال المعرضون لخطر فقد العمل. وسيتعرض النظام الدولي بدوره لضغوط كبيرة، الأمر الذي سيؤدي إلى عدم الاستقرار والدخول في نزاع واسع النطاق داخل البلاد.


مرحلة درامية جديدة في نظام الرأسمالية العالمية
لوري جاريت: صحفية أمريكية، حائزة على جائزة بوليترز للصحافة، مهتمة بالصحافة الصحية
تتمثل الصدمة الأساسية للنظام المالي والاقتصادي في العالم في الاعتراف بأن سلاسل التوريد وشبكات التوزيع العالمية معرضة بشدة للخلل. وبالتالي، لن يكون لوباء فيروس كورونا آثار اقتصادية فحسب، بل سيؤدي إلى تغييرات أكثر جوهرية. لقد سمحت العولمة للشركات بالتصنيع في جميع أنحاء العالم وتسليم منتجاتها إلى الأسواق في الوقت المناسب، متجاوزة تكاليف التخزين. وفي هذه الحالة، كانت المنتجات الموجودة في المخازن التي توضع على الرفوف لأكثر من بضعة أيام إخفاقًا. ولهذا كان لابد من الحصول على الإمدادات والقيام بالشحن على المستوى العالمي بطريقة منظمة للغاية. لقد أثبت فيروس كورونا أن مسببات المرض لا يمكن أن تصيب الأفراد فحسب، بل يمكن أن تسمم النظام بالكامل في وقت ما.
وبالنظر إلى حجم خسائر السوق التمويلي التي عانى منها العالم منذ فبراير، فمن المرجح أن تخرج الشركات من هذه الجائحة لنموذج الإنتاج الموقوت وللإنتاج المشتت عالميًا. وقد تكون النتيجة أيضًأ مرحلة درامية جديدة في الرأسمالية العالمية. تكون فيها سلاسل الإمداد قريبة من الوطن، وتكون موفورة للحماية من التفكك الذي قد يشهده المستقبل. وقد يقلل هذا من أرباح الشركات على المدى القريب لكنه سيجعل النظام بأكمله أكثر مرونة.


المزيد من الدول الفاشلة
ريتشارد هاس: يشغل منصب رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي منذ عام 2003، وشغل قبل ذلك عدة مناصب في الحكومات الأمريكية المتعاقبة، مثل منصب مدير تخطيط السياسة الخارجية، ومستشار لوزير الخارجية كولن باول
أنا لست مغرمًا بكلمة دائمًا، أنها كغيرها أو لا تعني شيء يالنسبة لي، لكني قد أفكر أن ازمة فيروس كورونا ستؤدي إلى تحول معظم الحكومات إلى الداخل لبضع سنوات على الأقل، مع التركيز على ما يحدث داخل الحدود بدلاً مما يحدث في الخارج. كما أني اتوقع تحركات أكبر صوب الاكتفاء الذاتي الانتقائي نظرًا لضعف سلاسل التوريد؛ وسنجد معارضة أكبر للهجرة على نطاق واسع، وانخفاض الرغبة أو الالتزام في معالجة المشكلات الإقليمية أو العالمية بما في ذللك تغير المناخ نظرًا للحاجة المتصورة التي تقتضي تكريس الموارد لإعادة البناء داخل الواطن والتعامل مع العواقب الاقتصادية للأزمة.
كما أني أتوقع أن تجد العديد من البلدان صعوبة في التعافي من الأزمة، خاصة مع ضعف الدولة، كما أن الدول الفاشلة صارة سمة أكثر انتشارًا في العالم. ومن المرجح أن تساهم الازمة في التدهور المستمر للعلاقات الصينية الأمريكية وإضعاف التكامل الأوروبي. أما على الجانب الإيجابي، يجب أن نرى بعض التعزيز النسبي لإدارة الصحة العالمية. لكن بشكل عان، ستضعف الأزمة المتأصلة في العولمة ولن تزيد رغبة العالم وقدرته على التعامل معها.


الولايات المتحدة فشلت في اختبار قيادة العالم
كوري شاكي: نيكولاس بورنس، مديرة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، شغلت عدة مناصب بوزارة الدفاع والخارجية الأمريكية.
لن يُنظر إلى الولايات المتحدة بعد الآن كقائدة دولية، وذلك بسبب اهتمامها بمصلحتها الذاتية الضيقة لحكومتها وعدم الكفاءة الفادح. لقد كان من الممكن تخفيف الآثار العالمية لهذا الوباء إلى حد كبير من خلال قيام المنظمات الدولية بتقديم المزيد والمزيد من المعلومات المسبقة، الأمر الذي كان سيمنح الحكومات الوقت لإعداد وتوجيه الموارد إلى حيث تشتد الحاجة إليها. هذا أمر كان يمكن للولايات المتحدة تنظيمه، وهذا يدل على أنها في وقت اهتمامها بنفسها، فقد فشلت واشنطن في اختبار القيادة، وقد صار العالم أسوأ حالاً بسبب ذلك.
إن جائحة فيروس كورونا تمثل أكبر أزمة عالمية في هذا القرن. بما لها من عمق وحجم هائلين. إذ تهدد الأزمة حالة الصحة العامة لما يقرب من 7.8 مليار شخص على وجه الأرض، ويمكن للازمة المالية والاقتصادية أن تتجاوز في تأثيرها الركود الكبير الذي حدث بين عامي 2008-2009. لكن كل أزمة بمفردها قد تشكل صدمة زلزالية تغير النظام الدولي وتوازن القوى كما نعرفهما بشكل دائم.
حتى الآن، لم يكن التعاون الدولي كافيًا على الإطلاق. إذا كانت الولايات المتحدة والصين، أقوى دولتين على الأرض، لا تستطيعان التخلي عن حربهما الكلامية حول أيهما يتحمل مسؤولية الازمة والقيادة بشكل أكثر فعاليةن فقد تتضاءل مصداقية البلدين بشكل كبير. كما أن الاتحاد الأوروبي إذا لم يتمكن من تقديم المساعدات الموجهة إلى 500 مليون مواطن داخل حدوده، فقد تستعيد الحكومات الوطنية المزيد من السلطة التي تحوزها بروكسل في المستقبل. أما في الولايات المتحدة، فإن ما هو على المحك هو قدرة الحكومة الفيدرالية على توفير تدابير فعالة لوقف الأزمة.
على الرغم من هذا، ففي كل بلد، هناك العديد من الأمثلة على قوة الروح الإنسانية – تتمثل في الأطباء والممرضات والقادة السياسيين والمواطنين العاديين الذين يظهرون المرونة والفعالية والقيادة. وهذا يوفر الأمل في أن الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم يمكن أن ينتصروا في مواجهة هذا التحدى الاستثنائي.

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

إقرأ ايضاً

الأمن العام يؤكد على تجنب السلوكيات الخاطئة أثناء رحلات التنزه

#البلقاء #اليوم #السلط اكدت مديرية الامن العام...

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا