السبت ,27 أبريل, 2024 م
الرئيسية فكر وأدب وثقافة الصحفي عدنان برية .. يكتب .. محمد كعوش

الصحفي عدنان برية .. يكتب .. محمد كعوش

757

البلقاء اليوم - الصحفي عدنان برية ..... يكتب .... محمد كعوش


البلقاء اليوم ---السلط



للوهلة الأولى، حين التقيت أبا يوسف، ظننته من عالم مختلف، لا يشبه عالمي، الذي قادني إلى تجربة "العرب اليوم".

"سيجاره" الغليظ، في بدء تلك التجربة، يعني الكثير لصحفي تسلل من الأطراف إلى عمّان، بحثاً عن لقمة عيش في مهنة أحبها.

كان نائباً لرئيس التحرير، فيما كنت صحفياً بـ 200 دينار، قادم من شح "أسبوعيات" ذلك الوقت، فتجنبته، وكانت قضيتي الصباحية: إن ألقيت التحية عليه سيرد بمثلها، أم سيتجاهل الأمر؟.

المرور من باب مكتبه، المشرّع دائماً، كان طريقاً إجبارياً للوصول إلى قسم المحافظات، حيث بدأت، فيما كان "سيجاره" البغيض كطود عظيم يفصلني عن الرجل.

اعتقدت طويلاً أن الرجل يرى المبتدئين أمثالي من علياء "سيجاره"، ولا سعة لديه لثرثرة من قبيل "صباح الخير"، فآثرت حجبها عنه، وادخارها لمن هم بمنزلتي المتواضعة.

معلمي الأول، في الصحف اليومية، الزميل المرحوم أحمد النسور، اليساري العتيق، تحسس سلوكي، واستغربه، وراح يشيد بالرجل، ويتعمد اصطحابي إلى مكتبه، محاولاً فكفكة عقدة ذلك "السيجار".

لم أمانع، لكني بقيت متحفظاً، إذ كيف لصاحب "السيجار" أن يتفهم احتياجات صحفي يضطر لاستخدام 3 وسائط نقل عام للوصول إلى عمله، وكذلك للعودة إلى مسكنه.

في اللقاءات الأولى، بدا الرجل، على غير ما استقر في نفسي، ودوداً خلوقاً ومهنياً حقيقياً، لكني ظننته مجاملاً لمعلمي، وآثرت التحفظ على الانفتاح عليه.

استمر الحال على هذا النحو، الرجل إيجابي لكني متحفظ، وبعد قرابة العامين، ولمطالبات معيشية، خضتها وزملائي في الصحيفة، صدر قرار بفصلي، لكنه لم ير النور.

لم أعلم بقرار الفصل حينها، وكان الأول بالنسبة لي في تجربة "العرب اليوم"، الدافئة وغريبة الأطوار أيضاً، لكن معلمي النسور أوحى لي بما حيك وأُحبِط في مهده، دون أن أعلم بماهية الأمر وتفاصيله.

بعد أشهر، علمت صدفة أن أبا يوسف هو من أحبط قرار فصلي، وعمل جاهداً على إفشال الأمر، فأربكني موقفه، إذ لم أتوقعه من صاحب "السيجار".

عدت أدراجي أجر أذيال الخيبة، فصاحب "السيجار" كان فزعتي!، ووجدت نفسي مضطراً إلى زيارته وشكره على موقفه.

مضت الأشهر والسنوات، وتكررت قرارات فصلي من العمل، وتكرر سلوكه – وآخرين كِبار - بإحباطها، دون أن أعلم بها إلا بعد مضي وقت طويل نسبياً.

في وقت متأخر من عمر "العرب اليوم"، ابتاعها رجل أعمال مغمور، وسعى إلى العبث بما استقرت عليه الصحيفة، فتصدى له أبو يوسف، بوصفه حينها رئيساً للتحرير، وشاركت بمعية زملائي في معركة منع الإدارة من التدخل في الصحيفة، وعزلها عن شؤون التحرير.

غضب المالك الجديد، وقرر بتعسف فصلي (كان هذا الفصل الخامس أو السادس لكنه ليس الأخير)، ليتصدى له صاحب "السيجار" بالقول: توقيع استقالتي قبل توقيع قرار فصل عدنان، فتراجع صاغراً بعد معركة طويلة.

هذا غيض من فيض، آثرت كتابته على هامش حفل إشهار كتاب صاحب الظل الزميل المرحوم محمد كعوش (أبو يوسف)، المعنون بـ "بِوَردةٍ أو على جناحَيّ فراشة"، فهو من كثير استقر في نفسي بحق الرجل.

رحم الله أبا يوسف وأسكنه فسيح جناته، أحببت الرجل، فهو من زمن الكِبار.
--

بالمناسبة..
قبل أسابيع، تشرفت بزيارة الزميل والقامة الكبيرة فهد الريماوي (أبو المظفر)، فأهداني "سيجاراً"، كوبيّ المنشأ، كلما أطبقت عليه أصابعي أشعر ببغضي له، فأسارع إلى إطفائه، وإعادته إلى أنبوبته.

الجيد في الأمر.. لا زلت أمقت "السيجار"..
--
ع.ب.

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا