الثلاثاء ,14 مايو, 2024 م
الرئيسية مقالات راكين تفتح ذراعيها للحكيم

راكين تفتح ذراعيها للحكيم

1218

الدكتور محمد الحباشنة رحمه الله

البلقاء اليوم -السلط

الدكتور جهاد المحيسن يكتب :

الأثنين الماضي هاتفته ، ودعاني لفنجان القهوة ، كالعادة بعد الساعة السابعة مساء بعد أن يغادر عيادته أخر مريض، لم يعجبني وجهه المصفر ، سالته ما بالك يا "حكيم" ، وكالعادة يَكذبُ بعضنا على الآخر أنه لا شيء والأمور بخير.

جرت العادة أن ننسل من عيادته أما لوسط البلد أو لجبل عمان أو الفحيص نتحسي ، ويبدأ الحوار الذي لا ينتهي، في تلك الليلة من يوم الأثنين الماضي ، أعتذر عن الذهاب معي لحظور أجتماع لنقيب الأطباء الصديق الدكتور أحمد فاخر ، رحل صديقي محمد الذي كان كاشف الروح والنفس وأمين أسراري ، كما كنت أنا أمين سره .

أحلامنا في الثقافة واحدة ، لا بل هو يسبقني فيها ، أتفقنا على انشاء موقع أخباري ، ووضعنا قبل أعتقالي بشهرين ، خطة لكتابة كتاب مشترك عن "الشخصية الأردنية" ، كل منا يعالجها من زاويته ،هو البعد السايكلوجي وانا البعد الاجتماعي ، وكادت أحلامنا أن تتحقق وكان موعدنا هذا الأسبوع لمناقشة المستجدات على الموقع ، وعلى حالتي وحالته القلقة من تردي الوضع السياسي والثقافي في العالم العربي والأردن. لكنه عجل بالرحيل.

ألو ..حكيم أشعر بتعرق شديد وبدها تطلع روحي ،يرد الدكتور محمد " هاي شغله هامله" ، ونضحك مثل طفلين على موجات القلق التي تنتابنا ، مر اشرب قهوة، يوم الأثنين الماضي شربت أخر فنجان قهوة معه ، ضحكنا من قصة القلق تلك ، وقلت له تذكرت مريضك فلان الذي كان كل دقيقه ونحن جالسون في أحد مطاعم عمان يدق هاتف صديقي وأمين سري محمد ، وأقول له "رد على التلفون يا حكيم خلينا نعرف نقعد"، ويضحك من قلبه هذا المريض قصته قصة ، وعرض علي سيل الرسائل على هاتفه من قبل مريضه، فضحكنا من تدابير خلقه .

قلت له "شكلي أصبحت مثل مريضك فلان عندما أتصلت شارحا لك حالة التعرق تلك"، ضحكنا ودخنا في العيادة وكان والله قلبه موجوع ، حدسي وحبي لصديقي كان يقول لي أن قلبه الكبير يخفي شيء ، وأصر على أن القصة لا تعدوا متاعب الحياة اليومية ، والقلق على مستقبل الأمة من سطوة التكفيريين والجهلة ، وفساد الأنظمة والسياسين ، فقلت له سنحاول بموقعنا أن نجعل منه محطة تنويرية كما اتفقنا .

قبل ايام كتبت على صفحتي في " الفيس بوك " النوم قطع صغيرة من الموت!!!" فكان تعليق صديقي الراحل "حقاً قال"، قطع الموت الصغيرة أصبحت حقيقة صديقي ، وبقيت أنا وحدي أعاني منها ، سبقت الموت وسبقت الحياة ، وخلعت جلباب أبيك مبكراً ، لأنك أنت صديقي هذا الإنسان النطاسي البارع ، والمثقف الملتزم ، والوطني الكبير .

على روحك السلام صديقي وأمين سري الطيب .

أنا بعدك قطع من الحزن منثورة على قبرك ، لكن سنبقى أوفياء لما تعاهدنا عليه ، أننا لن نسمح لثقافة القطيع أن تبقى سائدة ، وأن القادم أجمل مهما كان رغم أن الواقع مؤلماً ومحبطا ، افتحي ذراعيكي يا "راكين"، فقد عاد محمد لك وما عليه سوى كفن !!!

 




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا