البلقاء اليوم - خليل النظامي ...يكتب .... دحض مسمى (إعلامي) كتصنيف مهني في الأردن
#البلقاء #اليوم #السلط
تشهد منظومة الصحافة والإعلام الرسمي والخاص في الأردن تحولات عميقة نتجت اثر الثورة الرقمية وانتشار تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، وهذا ما أدى إلى ظهور أنماط جديدة من الممارسات الإعلامية، وبـ الرغم من أهمية هذه التحولات وأهميتها، فقد أفرزت تحديات وعوائق كبيرة، اذا علمنا أن هناك غياب في الأطر التنظيمية والتشريعية التي تحكم قطاع الإعلام.
وفي سياق ذلك، يظهر علينا مصطلح (إعلامي) كـ لقب فضفاض يفتقر إلى تعريف قانوني أو مهني محدد، على عكس مصطلح (صحفي) الذي يخضع لتنظيم صارم بموجب قانون نقابة الصحفيين الأردنيين لعام 1998.
ويهدف هذا التشريح العلمي إلى تحليل إشكالية مسمى (إعلامي) كـ لقب مهني في الأردن، مع التركيز على الفراغ التشريعي والتداعيات والأخلاقية والمهنية، إضافة الى اعلان مجموعة من التوصيات بهدف معالجة المشهد الإعلامي الفوضوي.
الفجوة المفاهيمية، (صحفي) مقابل (إعلامي)....
يشتق مصطلح (الإعلامي) من (الإعلام)، ويعني نقل المعلومات والأخبار عبر وسائل مختلفة، سواء كانت مرئية، مسموعة، أو رقمية، وهذا التعريف الواسع يجعل المصطلح شاملا لأي شخص يشارك في نشر المعلومات والمعرفة، بما في ذلك الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بـ (المواطن الصحفي).
وفي مقابل ذلك، يعرف (الصحفي) قانونيا في الأردن بأنه عضو نقابة الصحفيين المسجل الذي يمارس الصحافة كمهنة وفق شروط محددة، تشمل مؤهلات أكاديمية (مثل بكالوريوس أو ماجستير في الصحافة أو الإعلام) وتلقى تدريبا عمليا بما لا يقل عن سنة في مؤسسات صحفية معتمدة لنقابة الصحفيين ومسجلة ومرخصة وفقا للقانون الأردني.
هذا التباين المفاهيمي ولد فجوة كبيرة، فبينما يخضع الصحفيين الى معايير مهنية وأخلاقية صارمة، بما في ذلك الالتزام بميثاق الشرف الصحفي، يظل مصطلح (إعلامي) غامضا وغير مقنن، وهذا الغموض يسمح لـ أفراد غير مؤهلين أو غير ملتزمين بالمعايير المهنية باستخدام المسمى وهذا يؤدي إلى ممارسات غير منظمة تضعف مصداقية الإعلام، وتضع مهنية وسمع الصحفي على المحك، فضلا عن تشوية مصداقية وسائل الإعلام والعبث في أذهان الجماهير، وتأجيج الرأي العام، وزعزعة الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
فراغ قانوني واضح.....
ينظم قانون نقابة الصحفيين الأردنيين لعام 1998 مهنة الصحافة، اذ يشترط على الصحفي أن يكون أردني الجنسية، وليس محكوم بجناية، وحاصل على مؤهل أكاديمي متخصص، ومتفرغ بنفس الوقت لـ العمل الصحفي، الى ذلك يحظر القانون ممارسة الصحافة لـ غير الأعضاء المسجلين في النقابة، إضافة الى عقوبات على انتحال هذه الصفة المهنية.
وفي مقابل ذلك، لا يوجد في التشريعات الأردنية أي تعريف قانوني لمصطلح (إعلامي)، الأمر الذي يترك هذا المسمى خارج نطاق التنظيم والمساءلة القانونية والأخلاقية.
هذا الفراغ التشريعي يتيح لأي شخص أن يطلق على نفسه (إعلامي) دون الخضوع لشروط أكاديمية أو مهنية، الأمر الذي يسهم في انتشار ما يعرف بـ ظاهرة (دخلاء المهنة)، ويفتح الباب أمام ممارسات غير أخلاقية، مثل نشر معلومات مضللة أو خطاب الكراهية أو غيرها، فضلا عن استغلال البعض هذا اللقب لأغراض شخصية أبرزها مرتبط بعمليات التمويل من المنظمات الأجنبية العاملة في الأردن، أو لأغراض الابتزاز السياسي والاقتصادي المحلي في الأردن.
تآكل المصداقية والفوضى المصطلحية....
غياب تنظيم لقب (إعلامي) يشير الى تحديات كبيرة تؤثر على المشهد الإعلامي من أبرزها ؛ تراجع مصداقية الإعلام، فانتشار ممارسين غير مؤهلين تحت مسمى (إعلامي)، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، يساهم في نشر الإشاعات والمعلومات المغلوطة، ما يضعف ثقة الجمهور الأردني في الإعلام المحلي وهذا ما هو حاصل فعليا الان، فضلا عن أن الدراسات تشير الى أن هذا التراجع دفع المثقفين والنخب بـ الاعتماد على وسائل إعلام أجنبية.
الى ذلك، لدينا ما يعرف بـ الفوضى المصطلحية، وعملية الخلط بين (الصحفي) و (الإعلامي)، تقلل من احترافية المهنة وممارستها، وتحد من الدور الرقابي لـ الصحافة على السلطات السياسية كـ الحكومة والمؤسسات العامة والخاصة، وهذا يعزز التصور الخاطئ القائل (أن كل من ينقل معلومات هو صحفي) وبالتالي إضعاف المعايير والأسس المهنية.
أيضا غياب المعايير يدخلنا في دائرة التداعيات الأخلاقية، ويسمح بانتهاكات مثل نشر محتوى إعلاني دون الإشارة إلى طبيعته، أو نشر معلومات تثير النعرات الطائفية والعنصرية، ما يؤدي إلى تداعيات اجتماعية وقانونية خطيرة على ميزان الإعتدال الاجتماعي في المجتمع الأردني.
وبناء على هذا التحليل القانوني والأكاديمي المعمق، فإن مسمى (إعلامي) في الأردن يفتقر إلى تعريف قانوني واضح ومعايير مهنية محددة، ما يجعله تصنيفا غير موثق وغير محكم ضمن منظومة الصحافة والإعلام.
ولقد تم إبراز الفارق الجوهري بين (الصحفي) كـ مهنة منظمة قانونيا وتخضع لشروط صارمة وميثاق شرف ملزم، وبين (الإعلامي) كـ مصطلح فضفاض وغير مقنن، نشأ وتطور بشكل عشوائي وفوضوي غير منظم، خاصة مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي.
ولقد كشف هذا التحليل أيضا أن الغياب التنظيمي يفتح بابا واسعا أمام الاستغلال وسوء الممارسة المهنية والأخلاقية، ويؤثر سلبا وبشكل مباشر على مصداقية الإعلام الأردني وثقة المجتمع الأردني والعربي والدولي أيضا به، فضلا عن أن الفوضى المصطلحية وغياب المعايير الواضحة لا يضعفان فقط ممارسة المهنة الصحفية باحتراف، بل يؤديان أيضا إلى تداعيات قانونية وأخلاقية خطيرة، بما في ذلك انتشار المعلومات المضللة وتآكل الثقة العامة.
وبالتالي، فإن معالجة هذه الإشكالية المعقدة تتطلب جهدا متكاملا يجمع بين التعديلات التشريعية الجوهرية، وتعزيز دور المؤسسات الأكاديمية ونقابة الصحفيين في وضع وتطبيق المعايير، وتكثيف برامج التوعية لـ الجمهور والممارسين على حد سواء، ويجب أن تهدف هذه الجهود إلى ضبط المصطلحات وتحديد المسؤوليات بـ وضوح، بما يضمن احترافية وشفافية المشهد الإعلامي في الأردن، ويعزز حرية الصحافة المسؤولة التي تخدم المصلحة العامة وتحافظ على قيم المهنة وأخلاقياتها.
نحو إصلاح شامل......
ولتعزيز الاحترافية في المشهد الإعلامي الأردني وضبط لقب (إعلامي) خرج هذا التحليل بمجموعة من التوصيات أبرزها ؛ اصلاح التشريعات تتمثل بـ إيجاد تعريف قانوني لـ (الإعلامي) يحدد المسؤوليات والمعايير المهنية ومن يحق له حمل هذا اللقب.
الى ذلك، يجب وضع شروط أكاديمية وتدريبية لـ من يحق لهم حمل لقب (إعلامي)، على غرار متطلبات الصحفيين، فضلا عن توسيع المساءلة القانونية من خلال تفعيل عقوبات على انتحال صفة (إعلامي) بعد تعريفه قانونيا، لـ الحد من الممارسات غير المهنية.
الى ذلك، يجب تفعيل دور نقابة الصحفيين ومعهد الإعلام الأردني في تطوير برامج تدريبية تشمل الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، من أجل تأهيل الممارسين لمتطلبات السوق الإعلامي الحديث، وتوسيع مظلة النقابة من خلال انشاء هيئة مهنية تشمل (الإعلاميين) غير المسجلين كـ صحفيين، لضمان التزامهم بالمعايير الأخلاقية والممارسية، وتشكيل مجلس مستقل يضم ممثلين عن النقابة وهيئة الإعلام، والمجتمع المدني لـ معالجة الشكاوى المتعلقة بالممارسات الإعلامية.
أيضا يجب أن يتم إطلاق حملات توعية توضح الفروق بين (الصحفي) و (الإعلامي)، لتعزيز الثقافة الإعلامية وتمكين الجمهور من التمييز بين المصادر الموثوقة وغير الموثوقة، من خلال تنظيم ورش عمل للعاملين في الإعلام، خاصة على المنصات الرقمية، لتعزيز الوعي بالمسؤولية الأخلاقية وتجنب التضليل.
ملاحظة: هذه ورقة علمية غير منشورة، أعددتها نظرا لـ حالة الفوضى والعشوائية التي تشهدها المنظومة الإعلامية في الأردن.
#خليل_النظامي
-
الاستقلال .. بزوغ شمس الحرية .. بقلم الدكتور خالد عبدالله العوامله
الاستقلال ... بزوغ شمس الحرية ...... بقلم... -
-
-
الدكتور محمد بزبز الحياري .. يكتب .. بريسترويكا ادارية اردنية .. البريد مثالا
الدكتور محمد بزبز الحياري ....يكتب ....... -
حين يُحبط الوطن الفتنة قبل أن تولد .. بقلم : مجحم محمد ابورمان
حين يُحبط الوطن الفتنة قبل أن تولدبقلم : مجحم... -
رجائي المعشر في عيون الأردنيين .. بقلم: مجحم محمد عقاب أبورمان
رجائي المعشر في عيون الأردنيينبقلم: #مجحم #محمد... -
-
الدكتور محمد بزبز الحياري .. يكتب .. من علامات آخر الزمان
الدكتور محمد بزبز الحياري ..يكتب .. من علامات...
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع