الأربعاء ,24 أبريل, 2024 م
الرئيسية موقف البلقاء اليوم غسان الزعبي /مجموعة قعدة الطف .. يكتب .. حكاية سلطية

غسان الزعبي /مجموعة قعدة الطف .. يكتب .. حكاية سلطية

617

البلقاء اليوم - غسان الزعبي /مجموعة قعدة الطف.... يكتب .... حكاية سلطية

وهي حكاية جدي مصطفى الفياض وصديقه ابراهيم السليم قاقيش
. هذه حكاية  عن المروءة والوفاء والتعايش بإخاء وسلام

اصل الحكاية ان ثمة مدينة تعانقت جبالها كانها حلقة رجال تجالسو و تهامسوا وتعاهدوا فيما بينهم ان لا يضام في هذه المدينة احد ، ان لا يفرقوا احد عن احد ،ان لا يكون للخذلان مكان بينهم .
واليكم الحكاية !
كنت ذات مرة في مجلس عزاء لآل قاقيس وهم كانو  جيراننا في الحي العتيق  بالسلط ،  بل وتربطنا بهم علاقة ود وصحبة قديمة نشأت بين ابيهم المرحوم ابراهيم قاقيش وجدي مصطفى الفياض الزعبي .
، حين عرفني السيد جمال قاقيش وشقيقه السيد ايوب سألني  السيد جمال ؛
انت جدك مصطفى الفياض ؟
قلت نعم هو .
قال لي جملة اثارت دهشتي ؛
بتعرف يا عم غسان انه لولا جدك كان لا انا ولا اخواني ولا حتى اي ذرية كانت ستوجد لأبي . سألته مندهشا
كيف هذا  وشو يعني هذا ؟ وسرد لي تلك الحكاية وتحريت عنها  ايضا من آخرين  كما سأرويها لكم . ؛
كانت الساعة منتصف الظهيرة ،حيث كان جدي يجلس في دكانه معه صديقه ابو جلمه من دار ابو رمان حين جاء ذلك الرجل ملهوفا وهو يصرخ  :
عمي مصطفى ،عمي مصطفى  الحق عمي ابراهيم قاقيش هاي الدرك بركضوا وراه وشفته دخل ناح حوشكو ( حوش الزعبية في حارة الخضر )
استأذن جدي من صديقه والذي بقي في المحل وركب فرسه وبسرعة انطلق نحو الحارة ، لقيه بعض الجيران وهم في خوف وارتباك  :
اركض عمي ابو جلال اركض هيهم فاتو بحوشكو !
كان هناك في ساحة الحوش ما يشبه العراك ، رجال الدرك مستهمون في سحب ابراهيم قاقيش بينما كان هو ومعه بعض الجيران يقاومون بشدة وبهم خوف و رجاء من الله ان لا يتمكن الدرك من سحبه ، ذلك انه لو حدث  لكانت مأساة  سينتهي بها ذلك الرجل الى حبل المشنقة لا محالة !!
وصل جدي هناك وبدأ يحول بينهم وبين صديقه ، تارة بجسده وتارة بالكلام  الى ان ادرك ان لا مناص ولا خلاص الا ان يلجأ الى تغيير استراتيجية الدفاع كليا  .
كان جدي يعلم تمام العلم براءة صديقه من اي تهمة وان كل ما في الأمر كان وشاية من حاقد وحاسد !
يا جماعة انتو شو مالكو ! شو بدكو من الزلمة ؟ قال جدي .
اجابوه هذا ابراهيم قاقيش مطلوب للحكومة التركيه ، لازم نوخذه
يا اخوان وقفو شوي انتو بدكو ابراهيم قاقيش وهذا مو ابراهيم قاقيس ، قال جدي ،
لأ يا شيخ هذا ابراهيم ،في ناس خبرونا عنه .
يا جماعه هذا نسيبي جاي من نابلس ( جدتي وهي زوجته الثالثة كانت نابلسية ) ،هذا نسيبي ،لا تردو عالناس ،هذول ما بيعرفوه و متوهمين عليه .
،
فيما كان الصراع قد بدأ يتزايد والخوف والرجاء في قلوب الحاضرين من الجيران سواء مسلمون ومسيحيون قد بدأ يتفاقم ،نتيجة تعنت رجال الدرك واصرارهم وفيما كل الارهاصات قد بدأت تشير الى بداية النهاية بالنسبة لهذا الرجل الطيب ،   فتبدأ الاقدار تحيك خيوطها  هناك في داخل ذلك  العقد الطيني الموجود في حوش الدار حيث كانت زوجات جدي قد وقفن خلف الباب مصغيات  بكل اهتمام وخوف ورجاء وهم يسمعون صراخ مصطفى الفياض  وقتاله من أجل صديقه ، صديق العمر الذي لازمه طيلة شبابه وكهولته ،واذ بدأ صوته يخفو ويضعف وكاد ان يتلاشى  من رهبة ذلك الموقف  ،حينها كانت عناية  الله تلقي بالالهام على امرأة خصها الله بذكاء وقوة كي تتولى امره وما قضى به لتحول دون وقوع  تلك الفاجعة ، ، !
كانت تلك  احدى زوجاته ( امنة)  وهي زعبية من عائلة ( الجمعات )  وقد تفتق ذهنها عن الحيلة التي ستنهي هذه المأساة   ، ، ؛
فتحت الباب وخرجت وهي تصرخ  قائلة ؛
اخوي يا حبيبي ياخوي ،انت اجيت ، ايمتى اجيت يا خوي يا براهيم ؟    شو مالهم عليه ، مخاطبة جدي ،
هذول يا امنه بفكروه ابراهيم قاقيش ومش راضيين يقتنعوا انه مش هو ،
تعال يخوي تعال فوت هون عندي ،تأخذه من يده وتدخل به الى العقد  ، ،  ؛
تسمر  العسكر في مكانهم وقد اخذتهم الدهشة  وفي نظراتهم خيبة واحراج ، اذ لا يمكن ان يكون هذا هو ابراهيم الذي وشى به احدهم رغم ما رأت عيونهم واقتنعت به عقولهم  فإنسحبو داحرين ومعتذرين ؛
اسفين شيخ ، احنا اسفين  ، في خطأ شيخ ،معليش شيخ سامحنا ،سامحنا ، وانسحبوا مسرعين ليغادروا الحوش ،
ليحكم الله بهذه الخطة ان يقفل الباب على  مأساة لو انها وقعت كانت ستكون اسوأ فاجعة يذكرها الناس  في تاريخ هذا الحي العتيق . ! .
مضى ذلك اليوم بكل هوله ومرارته ، ولكن بقي ابراهيم قاقيش بعد ذلك  متخفيا يخشى على نفسه من بطش حكومة اتاتورك ورجاله الذين كانت مآربهم وغايتهم التمهيد لإثارة الناس ضد دولة الخلافة ممثلة بتركيا والباب العالي .
واذكر هنا ما قالته  لي جدتي ذات يوم بأن جدي مصطفى  هو من كان  يتولى امور ابراهيم قاقيش لدى مؤسسات الدولة وهو الذي كان يراجع له معاملاته ويقضي حوائجه ،  الى ان شاءت ارادة الله ان يخرج الاتراك من البلاد وتنتهي تلك المعضلة .
بعد ذلك بعدة سنين تزوج ابراهيم قاقيش وانجب العديد من الابناء والبنات ،وكانت يده  دائما يد خير ممدودة للناس كافة ،يحسن القرابة والجوار .
رحمة الله عليهم كلاهما
في كل دار في هذا الوطن ،فلتنزل السكينة  يا الله على ارواح ساكنيها  ، ولتملأ يا الهي بيوتهم مودة ورحمة ولتكن مشيئتك كما تحب ان تكون .
المجد لله بالاعالي وعلى الارض السلام
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
غسان الزعبي/مجموعة قعدة الطف 

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا