الثلاثاء ,4 نوفمبر, 2025 م
الرئيسية موقف البلقاء اليوم أبا صَلاح .. سَلامٌ عَلَيْكَ فيما مَضى، وَسَلامٌ عَلَيْكَ فيما يَكونُ. .. بقلم .. جاسم ابو رمان

أبا صَلاح .. سَلامٌ عَلَيْكَ فيما مَضى، وَسَلامٌ عَلَيْكَ فيما يَكونُ. .. بقلم .. جاسم ابو رمان

142

البلقاء اليوم - فَقيدُ الأَرْضِ غَنيمَةُ السَّماءِ، عَظيمُ القَدْرِ كَثيرُ العَطاءِ. سَالِمًا يا أبا صَلاح، يا نَقِيَّ الدَّمْعِ، وَجَوْهَرَةَ الجَمْعِ. بَعْضي مِن بَعْضِكَ، وَكُلُّكَ في بَعْضِ قَلْبي، وَكُلُّ بَعْضي يَبْكيكَ وَيَرْثِيك.
يا ذاكِرَةَ العَشيرَةِ، وَمَنْ إِلَيْهِ تَرْسُو الذِّكْرَياتُ، وَلا تَكْتَمِلُ إِلّا بِكَ. يا سَفيرَ الكَلِماتِ لِلكَلِماتِ، وَفارِسَ الحَديثِ وَالفَصاحَةِ، سَابَقَتْكَ الكَرامَةُ فَسَبَقْتَها، وَتَأَهَّبَتْ لَكَ الهَيْبَةُ فَأَرْسَلْتَها، عَلى رُسْلٍ كَفَرَسٍ أَسْرَجْتَها.
سَالِمٌ يا عَزيزَ القَوْمِ، قُلْ لي، مَن بِرَبِّكَ قَدْ تَبَقّى؟ وأنا كَالزَّرْعِ أَشْكُو المَحْوَلَ، فَتُمْطِرَني جَرادًا.
بِأَيِّ رِثاءٍ أَرْثِيكَ؟! إِنَّ المَراثي لا تَكْفِيك. لا سَبيلَ لي إِلّا أَنْ أَدْعوَ لَكَ لِأَعْلوَ إِلَيْكَ، وَأَنا أَقِفُ وَحْدي في البَعيدِ، مُعَزِّيًا نَفْسي فيكَ،
أَنْتَ يا فَصْلَ الكِتابِ الأَخِيرَ، وَأَجْمَلَ تَفاصيلِهِ، وَأَبْدَعَ عِباراتِهِ. كَمْ خَسِرْنا مِن رِجالٍ، وَلَكِنَّ الخَسارَةَ كُلَّها اليَوْمَ في رَجُلٍ.
رَجُلٌ لَمْ يُفْصِلْ وُجودَهُ عَلى مقاس الآخَرينَ، وَلا عَلى ما ناسَبَ آرائَهُمْ وَأَهْوائَهُمْ، حَقيقِيًّا واضِحًا كالشَّمْسِ، دافِئًا إِذا أَصَبْتَ الحَقَّ، نارًا إِذا أَتَيْتَ بِالباطِلِ.
أُغْلِقَ الكِتابُ اليَوْمَ، وَأَلْقَيْتُ كَفًّا بِكَفٍّ، مُتَحَسِّبًا مُحْتَسِبًا فَجيعَتي بِغِيابِكَ وَغِيابي، كَمْ أَحْيا في نَفْسي حُضورَكَ وَقُدومَكَ،وَبِالمِثْلِ ذَهابَنا إِلَيْكَ. عَشِقْتُ إِقْدامَكَ وَشَجاعَتَكَ الَّتي لَيْسَ لَها مَثيلٌ، وَكَمْ رَأَيْتُ مِن رِجالٍ تَكَسَّروا كَالزُّجاجِ في الثَّمانينَ، إِلّا أَنَّني وَجَدْتُكَ أَشَدَّهُمْ عُودًا، وَلَحْمُكَ الأَمَرُّ لِلطّامِعينَ.
كَمْ دَنَتْ مِنْكَ مَسامِعُ الغافِلينَ، وَحامَتْ حَوْلَكَ كُلُّ عَيْنٍ ناظِرَةٍ مُنْتَظِرَةٍ، حِكْمَةً أَوْ قَوْلًا يَضَعُ الأَمْرَ في مَكانِهِ السَّليمِ.
يا غَزيرَ المَآثِرِ، قَليلٌ ما هُم أُولئِكَ الَّذينَ يُصْبِحُ تَكْوينُ المَكانِ مِنْهُمْ، وَنادِرونَ أُولئِكَ الَّذينَ يَعْبُرونَ مِنْهُ إِلى ما يُشَكِّلُ الذَّاكِرَةَ الحَيَّةَ لِمُجْتَمَعِهِمْ وَمُدُنِهِمْ وَأُناسِهِمْ. فَإِرْثٌ أَنْتَ، وَميراثٌ كَالزَّيْتونِ، مُبارَكٌ، مُتَجَذِّرٌ في الأَرْضِ وَالمَكانِ.
سَلامٌ عَلَيْكَ فيما مَضى، وَسَلامٌ عَلَيْكَ فيما يَكونُ.
يا رَقيقَ القَلْبِ، وَحادَّ النَّصْلِ،
لِلَّهِ المَهابَةُ وَالجَلالُ، يَهَبُ ما يَشاءُ مِنْها لِعِبادِهِ،
وَأَشْهَدُ أَنَّكَ نَهَلْتَ مِن مَعينِها الكَثيرَ.
يَعْلَمُ اللهُ أَنَّني أُحِبُّكَ، يا رَجُلًا لَنْ يَتَكَرَّرَ.
عالِيًا تَراكَ عَيْني، وَكَمْ دَنا مِنْكَ كُلُّ بَعيدٍ، وَكَمْ كانَ البَعيدُ عَلَيْكَ القَريبَ. زَرّاعًا لِلِابْتِسامَةِ، مُقْتَلِعًا كُلَّ شَرْشٍ لِخَبيثٍ ذي لئامة. أبا صَلاح، يا جَبَلًا شامِخًا بِذاتِكَ، تَأْبَى سُفوحُكَ أَنْ تَكونَ لِلعابِرينَ العابِثينَ مَسارًا أَوْ مَزارًا، وَتَأْبَى الرُّجولَةُ إِلّا أَنْ تَكونَ لَها إِزارًا.




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع

البلقاء اليوم بالارقام

اسرار المدينة

شخصيات المحافظة

مقالات

هموم وقضايا