البلقاء اليوم - الأحزاب في الأردن بين الوهم والحقيقة!! ... بقلم الدكتوره .... رهام زغير
البلقاء اليوم ---السلط
تتسابق الأحزاب اليوم في تشكيل الهيكل العام، بحيث يحرص كل منها على جمع كوكبة من اللامعين في المجتمع الأردني، سواء من وزراء سابقين، أو شخصيات مشهورة، واساتذة من الجامعات، واعضاء من مجلسي النواب والاعيان، وغيرهم ممن يرشحهم بعض الاعضاء، بحيث يحاول المؤسسون مراعاة التنوع الثقافي والبيئات الجغرافية ما أمكن.
وهذه الأحزاب السياسية سمة انتشرت في كل الدول الديمقراطية تقريباً، إذ أن علماء السياسية أشاروا إلى أن الدول التي تملك أقل من حزبين تعتبر دول استبدادية تنظم حول حزب سياسي واحد مهيمن،، وهذا الانطلاق الحزبي السياسي يقودني إلى جملة من التساؤلات أهمها:
هل هذا العدد الكبير من أعضاء الحزب يملكون فكراً سياسياً موحداً؟؟ بمعنى هل يستطيعون عمل مواءمة فكرية سياسية بحيث تقود إلى رؤى موحده تمثل رأي الحزب واتجاهاته السياسية؟؟ وهل الديمقراطية الحالية تلبي طموح الأحزاب في التعبير عن رأيها في معظم القضايا السياسية بطريقة تكفل لها حرية التعبير والنقد والانتقاد البنّاء دون حساب؟؟ أم أن الديمقراطية ستكون وفق قرار سياسي سلطوي فيه سيطرة شبه مطلقة!!
فلربما تنخدع هذه الأحزاب السياسية ببريق الديمقراطية وتتفاجىء بتجدد الاستبداد في المفاصل التي تعمل على سدِّ الأفق السياسي وفرض القيود عليه وتسيسه بإتجاه مرسوم بعناية مدروسة، يرافقها مكر يكمن في تقديم هدايا مسمومة للأحزاب على شكل مناصب وملفات وامتيازات مخصصه!!
الأحزاب اليوم تقع في إطار التجربة التي قد تصيب أو تخطئ، والذي يرافقها تدني الوعي المجتمعي والذي يلعب دوراً مهما في اطاره الشعبوي الحالي، ففي القديم كانت محطة التلفاز هي القناة الوحيدة المطلة على الواقع الأردني والتي تخاطب فيها الشعب، بحيث تجعل الإتصال بالعالم الخارجي أُحادي الوجهه، فنرى من خلالها ما تراه أعين المسؤولين،، واليوم في ظل انتشار الفضائيات والانترنت والفيس بوك وتويتر وغيرها والتي أصبحت منافساً قوياً؛ ليصبح الإعلام عبارة عن علاقة جدلية حوارية قد تكون تناقضية بين وسائل الاعلام والرأي العام المؤجج،، وهذا يعطينا الفرصة للإفلات من مصيدة التشويش والتضليل.
وفي ظل غياب الإعلام الحزبي اليوم، مع انطلاق موجة تشكيل الأحزاب السياسية،، نحتاج إلى رؤى فكرية وشعارات سياسية تتطور بشكل ايجابي ومختلف، يرافقه تطور في الوعي المجتمعي الحاضن لهذه الاحزاب،، بلغة تختلف وتتواءم مع ثقافة الجماهير المتأثرة بالخطاب،، لا بد من استعادة العقلانية والواقعية السياسية المستقلة التي تضع المسوغات والمبررات للنشأة والتأسيس، تملك القدرة على الاقناع بها،، لا تتجاوز حدود المعقول والمقبول،، تؤمن بعصمة الفكر وقداسة الخطاب،، وفي ظل هذا نحتاج إلى مفكرين يحملون مشاعل التنوير، يتمتعون بآفاق سياسية بعيدة، واعية، قادرة على اتخاذ القرار، مستقلة فكرياً، لا تُدار من وراء ستار من خلال وضع تلك الشخصيات السياسية بشكل صوري في الواجهة، ثم تُدار بحكومات تآمرية تعيش في احشاء الدولة وتمثلها مراكز قوى خفية تعمل ضد المصلحة الوطنية، وتمسك مفاتيح القرار..
نحتاج إلى تعميم الروح الديمقراطية وتعميقها،، نحتاج إلى ادماج النخب السياسة والفكرية في الواقع الحزبي المزعوم لنحصل على مواءمة بين بناء الدولة الديمقراطية وتحقيق تطلعات الشعب.
نحن لا نريد أن تتحول الأحزاب إلى مجرد سجالات سياسية فكرية غرضها فقط مجرد الرد وإبطال الرأي الآخر وتبني الخلاف والاختلاف الذي يمكن أن يصل للصراع الحزبي والتراشق الاعلامي الموجه.
يجب ان نقيّم تلك الاحزاب بموضوعية تتجه إلى دوافع وطنية لا دوافع ايديولوجية أو رغبات شخصية بحته.
تجربة الأحزاب لن تتأصل الا بالديمقراطية المطلقة،، والفكر المنطلق البنّاء،، والنقد الايجابي الجريء والاتجاه الرائد الذي يوافق بين مصلحة الوطن ومنفعة ابنائه،، وهذا يحتاج إلى الرجل السياسي المحترف المتدرب في بيئة سياسية ويمارس انماط قيادية، لكي يتقن فن وجوهر اللعبة السياسية،، فمجرد المواصفات الشخصية والاستعداد النفسي وحده غير كاف للقيام بهذه اللعبه، كما أنه يجب أن يملك الثقافة الكافية في سيكولوجية وثقافة المجتمع، وكيفية بناء العلاقات المحلية والاقليمية وغيرها..
في الخلاصة،،، ان الديمقراطية الأردنية لن تؤتى أُكلها وثمارها حتى يتجسد الوعي المجتمعي كثقافة سائدة قبل أن تكون اداة سياسية مزعومة،، وان تخلو الساحة الديمقراطية من كل مخلفات الاستبداد،، وفي النهاية تعددت الأسباب والفشل واحد،، أو تعددت الأشكال والحكم واحد،، احزاب دون ديمقراطية أو احزاب بديمقراطية منقوصة فشل ذريع مدروس بعناية.
د. رهام نصار زغير
-
-
لبريد دولة الرئيس :المتسوق الخفيّ ضمن قانون خاص بقلم : أ .د. محمد ماجد الدَّخيّل
لبريد دولة الرئيس :المتسوق الخفيّ ضمن قانون... -
الدكتور محمد بزبز الحياري .. يكتب .. مبغوظة وجابت بنت
الدكتور محمد بزبز الحياريمبغوظة وجابت بنتفي... -
محمد عبدالله اسميك … إرث الخير ومسيرة العمل الممتدة لثلاثة عقود
#محمد #عبدالله #اسميك … إرث الخير ومسيرة العمل... -
راكان السعايدة .. يكتب .. "إسرائيل الكبرى" .. تهديد مباشر للأردن
إسرائيل الكبرى.. تهديد مباشر للأردن راكان... -
صوت الحق والإرادة: دعم المخيمات الفلسطينية لجلالة الملك عبد الله الثاني
صوت الحق والإرادة: دعم المخيمات الفلسطينية... -
الأستاذ حسين طبيش … رجل العطاء الذي لا يعرف حدودًا كتب: ليث الفراية
الأستاذ حسين طبيش … رجل العطاء الذي لا يعرف... -
ترحيب شعبي واسع بخالد الطراونه: نموذج للقيادة الفعالة في لواء عين الباشا
ترحيب شعبي واسع بخالد الطراونه: نموذج للقيادة... -
غازي السكران بني خالد … رجل وطني حوّل القيم إلى قوة والنجاح إلى رسالة كتب: ليث الفراية
غازي السكران بني خالد … رجل وطني حوّل القيم إلى...
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع
إقرأ ايضاً
الدور الملكي الإنساني اتجاه غزة بقلم : أ.د. محمد ماجد الدَّخيّل
الدور الملكي الإنساني اتجاه غزة بقلم : أ.د....